مَا عَلاقَةُ النِظَام ِالصِحِّي الأَلمَانِي بِالشَّرقِ؟

يمكنكم سماع النص المكتوب إذا كنتم لا ترغبون في القراءة

رُبَمَا أَنت متَفَاجِئٌ قَلِيلاً مِنْ هَذا العُنوان. مَا عَلاقَةُ النِظَامِ الصِحِّي الأَلمَانِي بِالتَارِيخِ الشَّرقِي؟ قَد تَعتَقدُ أَنَهُ لا يُوجدُ عَلَاقَةً بَينَهُما عِندَما تَكونُ عِندَ الطَبِيبِ أَو عِندَما تقرأ هُنا مَقالاتً حَولَ الصِحَةِ النَفسِّيةِ

اِسمحْ لِي أَن أخُذَكَ فِي رِحلَةٍٍ صَغِيرَةٍ عَبرَ الزَمنِ نَعودُ مِن خِلالِها إِلى العُصورِ الوسِطَى. أوروبا تَعِيشُ عَصراً مُظلِماً، قد تَم نِسيانُ المَعرفةِ الطِبيةِ القَديِمةِ بِالطبِ. في هَذا الوَقت سَادتْ أَفكارٌ خُرافِيةَ ولَيَست مُفيدةَ بِشكلٍ خَاص حَولَ جِسمِ الإنسانِ والأمراض. الظروف الصحية سيئة للغاية ويوجد الكثيرُ مِنَ المُعَانَاةِ

فِي الشَرقِ يَبدِو الأَمرُ مُختَلِفاً تَمَاماً. هُنَاكَ مُستَشفَيَاتٌ فِي بَغدادِ لَدَيِها مُكيفات تَبريد بِفَضلِ أَنظمةِ الآبارِ البَارِدةِ المُتَطَوِرةَ. كَمَا تُوجدُ عِيَادَاتٌ ثَابِتةٌ ومُتَنَقِلةَ

فِي قُرطُبةَ، اسبَانِيا اليَّوم، تَتِمُ مُعَامَلةُ النِسَاءِ والرِجَالِ بِمُسَاوَاةٍ تَامةٍ، وكَذَلِكَ الأَغنِيَاءُ والفُقَرَاءُ. لِكُلِ فَردٍ الحَقُ في العِلاجِ الدَقيق. هُناكَ أَطباءٌ وصَيَّادِلةَ وطَاقمُ مُستَشَفى. كَيفَ يُمكِنُ لِذَلِكِ أَن يَحدُثَ؟

تَمَ ضَمانُ هَذهِ المُطالَبةِ مِن خِلالِ تَدريبٍ مُرخصٍ. سُمِحَ لِلأَطِبَاءِ الشَبابِ بِمُرَافَقَةِ الزُمَلاءِ الأَكبرَ سِنَّاً في العِيَادَةِ ومُنَاقَشةِ حَالاتِ المَرضَى. ثُمَ تَمَ اِختِبارهم حَولَ هَذا المَوضوع. فِي النِهايَةِ حَصَلِوا عَلى شَهادةٍ رَسمِيةٍ تَسمحُ لَهمُ بِمُمَارَسَةِ فَنِ العِلاجِ (الطِبْ). إن صح القول لا يَزالُ مَا يُسَمى بِالمُحتَسِب (الحِسبَة) مَوجوداً إلى يَومِنَا هَذا. إِنَهُ تَرخيصٌ لِمُمَارَسَةِ الطِبِ الذي لا يزالُ يمكّن للأطباءِ والمُعَالِجيِن النَفْسيِّين والصَيادِلةِ مِن مُمَارَسَتِه وبِالتَالي حِمَايَةُ هَذهِ المِهنِ مِنَ الدَجَاليِّن

العُلَمَاءُ المُهِمونَ فِي هَذا المَجالِ هُم الرَازيّ (٨٥٤-٩٢٥ م) واِبن سينا (٩٨٠-١٠٣٧ م) بِالإِضَافةِ إلى التَخَصُصَاتِ الطِبِيَةِ الكلاسيكيةِ مِثلَ طِبُ العُيون أَو عِلمُ الأَدويةِ، تَنَاوَلَ العَالِمَانُ أَيضاً عِلمُ النَفْس والعِلاجُ النَفْسِّي. قَبلَ سَنواتٍ عَدِيدَةٍ مِن ظُهورِ التَحلِيلِ النَفْسِّي الأوروبي، تَم اِستِكشَافُ الرَوابِطَ بَينَ العَقلِ والجَسَّدِ بِشَكلٍ مَنهجِي وامكَانِياتُ الشَفاء

وبِهذهِ الطَريقةِ، أَنشَأوا رَوَابِطاً بَين المَشاعرِ وَوظَائِفِ القَلب، وتَمَكَنوا مِن تَحدِيدِ الصورِ السَّريِريةَ المُختَلِفة (على غِرَارِ الاِكتِئَابِ واِضْطِرَابِ القَلق) واِستِخدَامِ طُرقِ الشِفاءِ الَتي لا تَزالُ مُستَخدمةً حَتى اليَّوم. بِمَا فِي ذَلِكَ المُواجَهةُ المُباشَرة مَع المَواقِفِ المُسَبِبةِ لِلخَوفِ، والتَنشيطُ السُّلوكِي، وكَذَلِكَ العَلاجُ بِالموسِيقَى والأَنشِطة المُشتَركة لِتَحسِين الحَالةِ المَزاجِيةِ

العِلَاجُ النَفْسِّي لَيسَ مِن اِخَتراعِ الغَربِ. بِالتَأكيدِ كَانَت هُناكَ مَعَالِمٌ أُخرى في المَنطقَةِ الشَّرقِيةِ قَبلَ الثَورةِ العِلمية (في فكرِ وتَعَالِيمِ الهِنْدوسِية أو البوذِيةَ قَبل ٢٠٠٠ سَنةَ)، لَكِنَ النَهجَ العِلمي المَنهَجي والرِعَايةَ الطِبيَّة الشَامِلةَ هي إِرثٌ رَائعٌ

إذا كنتم تَتَساءَلون أحياناً عَن سَبَبِ كَونِ الرِعَايةِ الطِبيةِ في أوروبا عَلى مَا هي عَليه، فَسَتَجِدون الجَوابَ عَن ذَلكَ فِي تَاريخِ الحَضَارةِ الشَرقِيةِ واِنْتِشَارِهُا إلى إسبانيا، حَيثُ بَدأ تَبادُلُ المَعرِفَةِ مَع مَناطِقٍ أُخرَى مِن أوروبا

وَرُبَمَا يقَلِلُ هَذا أيضاً خَوفَ التَعامُلِ مَع الصِّحَةِ العَقلِيةِ والجَسَّديِةَ لِلفَردِ، بِمَا أَنَ المَرء لَديهِ سِلسِةٌ مِنَ الأَسَلافِ الَذِينَ مَهَدوا الطَرِيقَ لهُ لِدرَاسةِ الصِحةِ العَقلِيةِ ومُعَالَجَتِها بِشَكلٍ مَنْهَجِي

:المَصَادِرُ

H.N. Wasty, „Muslim Contribution to Medicine“, M. Sirajuddin and Sons, Publishers, Lahore, 1962, pp. 5-16.

https://de.wikipedia.org/wiki/Medizin_in_der_mittelalterlichen_islamischen_Welt

http://bufib.de/islamische-medizin-1000-jahre-ihrer-zeit-voraus/

Schreibe einen Kommentar

Deine E-Mail-Adresse wird nicht veröffentlicht. Erforderliche Felder sind mit * markiert

Captcha
Refresh
Hilfe
Hinweis / Hint
Das Captcha kann Kleinbuchstaben, Ziffern und die Sonderzeichzeichen »?!#%&« enthalten.
The captcha could contain lower case, numeric characters and special characters as »!#%&«.