مَا هيَّ الصَدمَة؟

يمكنكم سماع النص المكتوب إذا كنتم لا ترغبون في القراءة

كلمةُ „صَدمةَ“ تَعني „جُرح“. يُستخدمُ المُصطلح في الطبِ لِوصفِ إصابةِ الجِسمِ النَاجِمةِ عَنِ العُنفِ الخَارجِي. نَحنُ نَعلمُ أَنَ أَجسَادَنا يُمكنُ أَن تُصابَ. ومَع ذَلك، لا يَعرفُ الكَثيرُ مِنَ النَاسِ أنَ النَفسَ البَشريةَ تَتَأَذَى أَيضاً مِنَ العُنفِ الخَارجِي. مِنْ مَنظورٍ نَفْسّي، يُشَارُ إلى هَذا أَيضاً باِسمِ „الصَدمةَ“. في هذا السِياق، تَدلُ الصَدمةَ النَفْسّيِةَ عَلى جُرحِ نَفْسيِتَنَا

كيفَ تَنشأُ الصَدمةُ النَفْسّيةَ؟

على غِرارِ الصَدمَاتِ الجَسَّديِةَ، فَإنَ الصَدمَةَ النَفسيةَ نَاتجةٌ عَن العُنفِ الخَارجِي. هُناكَ أَحداثٌ مُعَينةَ لَدَيّها القُدرَة أَنْ تُؤذي نَفسَّنَا وتُسبِبُ الصَدمةَ. تُعرفُ مِثلُ هَذهِ الأَحداث بِأنَها أَحداثٌ صَادِمةَ مُحتَمَلةَ. التَعريفُ الشَائِعُ لمِثلِ هَذهِ الأَحداثِ في عِلمِ النَفْس هو: „المُواجَهةَ مع الموتِ الفعلِي أو التَهدِيدِ بالموتِ أو الإصَابةِ الخَطيرةِ أو العُنفِ الجَنسِي“. لا تَعني الموَاجَهةَ بِالضَرورةِ بأَنه يَجبُ تَجربة الأحداثِ الصَادِمةَ بِشكلٍ مُباشرٍ، ولَكن يُمكنُ أَنْ تَنشأ الصَدمةَ أَيّضاً مِن كَونِّكَ شَاهِدَ عَيانٍ مُباشرٍ على مِثلِ هذا الأحداثِ أَو سَماعُ أَنَ مَثلَ هذه الأحداثِ قَد حَدثَت لِشخصٍ عَزِيزٍ عَليك

هَل جَميعُ الأَحدَاثِ الصَادِمَةِ مُتَشَّابِهةٌ أَم أَنَ هُنَاكَ اِخْتِلافَاتٌ (عَلى سَبِيلِ المِثالِ في النَوّعِ أَو الشِّدةَ)؟

هُنَاكَ العَدِيدُ مِنَ الأَحداثِ أو المَواَقِفِ المُجهِدةَ لِلغايةِ التي يُمكِنُ تَميِيزُها مِن حَيثُ النَوعِ والعَددِ والمُدةِ والشَكلِ وأَخيِراً الشِّدة عَلى النَّحوِ التالي

١. نوعُ الحَدَثِ المسبب للصَدِمةِ: إما عَرَضِيٌّ / عَشْوائِي (مُثلُ الحَوادِثِ والكَوارِثِ الطَبِيعيَة) أو المَواقف التي يَتَسَبَبُ فِيّهَا البَشر „مِن صُنْعِ البَشرِ“ (مِثلَ العُنفِ الجَسَّدي أَو الجِنْسِّي)

٢. عَدَدُ ومُدةُ الحَدَثِ المُسبب للصَدمةِ: إما حَدثٌ لِمَرَةٍ وَاحِدَةٍ، قَصِيرُ المَدى (مِثلُ السَطوْ على بَنكٍ) أو طَويلُ الأَمد، مُتَكرر عَلى مَدى فَترةٍ زَمَنِيةٍ أَطول (مِثلُ التَعذيبِ

٣. أنواعُ الحَدَثِ المُسببِ للصَدمةِ (مُهمٌ بِشكلٍ خَاصٍ في سِنِ الطُفولةِ والمُرَاهَقَةِ): نَتِيجةَ القِيَامِ بِفعلٍ بِشَكلٍ مُبَاشَر (مِثلَ الضَرب والاِعتِدَاءَ الجِنْسِّي) أَو بِشكلٍ غَيرِ مُبَاشَر (مِثلَ الإهمال)

٤. شِدَةُ الحَدَثِ المُسبب للصَدمةِ: بِشَكلٍ عَام، يُفترضُ أَنَ الصَدَماتِ الَتي مِن صُنعِ الإنْسَانِ وطَويلةِ الأَمد والمُتَكَرِرةَ والمُبَاشَرة أَكثرَ خُطورَة في عَواقِبِها مِنَ الصَدَماتِ العَرَضِيةِ التي تحدثُ لمرةٍ واحدةٍ وقصيرةَ المَدى وغير مُبَاشَرة 

غَالِباً مَا يَتَعَرَضُ الأَشخاصُ الَذيِنَ عَانوا مِنَ الحَربِ واللُّجوءِ لِتَجَارُبٍ مُتَكَرِرَةٍ وطَويِلَةٍ مِنَ العُنفِ. تَتَمَيَزُ هَذهِ التَجاربُ بِالحِّدَةِ والشِّدَةِ. يَقولُ المُعَانونَ بأَنَهُم غَالِباً لا يَستَطِيعونَ إِيجادَ كَلِمَاتٍ لِلأَشيَاء المُرَوِّعةَ الَتي مَرّوا بِها. وبالتَالي، فَإنَ عَواقبَ الحَربَ واللُّجوءِ هِي، مِنْ بَينِ أُمورٍ أُخرى، جُروحٌ نَفْسِّيةَ يُمْكِنُ أَنَ تَتَرَافَقَ مَع مُعَانَاةٍ وأَلَمٍ كَبِيرَين

تَماماً مِثلُ أَجْسَّامِنَا، تَتَمَتَعُ نَفْسُّنا أَيضاً بِقُدُرَاتٍ كَبيرةٍ عَلى الشِّفَاءِ الذَاتِي. في بَعضِ الحَالاتِ، تَلتَئمُ الإِصَابَاتُ النَفْسِّيةَ مَع مُرورِ الوَقتِ. في حَالاتٍ أُخْرَى لا يَحدُثُ ذَلك وهذا لِأَسبَابٍ مُختَلِفةٍ. إِنَ هذا ليِّسَ لِأَنَ بَعضُ النَاسِ هُم نَفْسِّياً „أَقوّى“ أَو „أَضّعَف

إذا لَم تَستطع الإصاباتُ النَفسِّيةَ بالاِلتِئامِ، يَتحدثُ المَرءُ عَن اِضطِرَابٍ تَابع لِلصَدمةِ في عِلمِ النَفس. الاضطِرَابَات المَعروفَة التَابِعةَ لِلصدمةِ هي عَلى سَبيلِ المِثالِ

اضطرابُ مَا بَعدَ الصَدمة

ردُ فِعلِ الإجهادِ الحاد

اِضطِرَابَاتٌ اِكتِئابية

الاِضطِرَاباتُ النَفسية جَسَدِية الشَكلِ

اضطِرابُ الحُزنِ المُزمن

الخَوفُ وأمراضُ الإِدمان

سَنَكتُبُ في المَقالِ التَالي حَولَ مَا هو عَلى الأَرجحِ أَكثرَ الاِضطِرَاباتِ التَابِعةِ لِلصَدمَةِ شُيوعاً، أَلا وَهو اِضطِرَابُ مَا بَعدَ الصَدمةِاِعتَنْوا بِأَنفُسِكُم! حَتى الاسُبوعِ القَادمِ

مَا هِي اِحْتِيَاجَاتُنَا الْأَسَاسِيَّة؟

بشكلٍ عامٍ، الاحْتِيَاجَاتُ هيَ رَغَبَاتُ/أُمْنِيَاتُ الشَخص الذي يُريِدُ بِهَا تَعوِيضَ نَقصاً مَوجودٍ لَدَيهِ. هُنَاكَ العديدُ مِنَ الاحْتِيَاجَاتِ المُختَلِفةِ والتي لها أَهمْيَّة مُختَلِفةَ عند الناسِ. يُعتَقَدُ أَنَ الاِحْتِيَاجَاتَ „الأَسَاسِيَّة“ هي عَالَميَّة. بِمَعنْى آخر تَنطَبِقُ على جَمِيعِ الأَشخَاصِ، بِغَضِ النَّظَرِ عَن المُتَغَيّرَاتِ أَو الخَصَائِصِ لِكُلِ فَردٍ مِثلُ الثَقَافَةِ والجِنْس وَمَا إلى ذَلك

كُلُ شَخصٍ لَدَيهِ اِحْتِيَاجَاتٌ أَسَاسِيّةٌ لَكِنْ بِدَرَجَاتٍ مُتَفَاوِتَةَ. نَحنُ لَدِيّنْا اِحْتِيَاجَاتٌ جَسَدِيةٌ أَسَاسِية مِثلُ الطَعامِ (فَهُنَا النَقصُ المَقصودُ هوَ الجوع) والشَرابِ (النَقصُ المَقصودُ هو العَطَش) وكَذَلِكَ اِحْتِيَاجَاتٌ نَفْسّيِةٌ أَساسية. في المَقَالِ الخَاصِ بِالعَوَاطِفِ، أَوضَحنا بالفِعلِ العَلاقةِ بَيِنَ المَشاعرِ والاِحتِيَاجَاتِ. المَشاعرُ مُثلُ الخَوفِ أَو الفَرَحِ هي أَدلةٌ دَاخليةٌ لاِحتِياجاتُنا

الحَاجَةُ الأَسَاسِيّةُ لِلشُعورِ بالأمَانِ مُهِمةٌ لِلغايةِ، وخَاصةً للأشخَاصِ الَذينَ يُعَانونَ مِنْ القَلق أَو الَذيِنَ يَجِدونَ أنْفُسَهم في خَطرٍ كَبيرٍ. الشُعورِ بالأمَانِ يَعنِي عَدمَ التَعَرُضِ لِأَخطَارٍ جَسَدِيّةَ أَو نَفْسّيِةَ. قَدْ نَشعُرُ رُبَما بِالأَمَانِ في شَقَتِنْا الخَاصّةَ أَو بالأَمانِ خِلالِ السَّيِرِ في الشَّوَارِعِ. ولَكِنَهُ يَعني أَيضاً الأَمنُ المَالي أو وجودَ مَنظورٍ مِهَني أَو شَخْصِي

الحَاجةَ الأَسَاسِيّةَ الثَانِيةَ هي الاِنْتِمَاء. حتى لو كانت الثقافة الألمانية أكثر فردية من الثقافة العربية، فإن الجميعَ هُنَا أَيضاً يُرِيدُ أَنْ يَشُعرَ بشعورِ الاِنْتِمَاءِ. سواءً كان لِلعَائلةِ أَو لِلشَرِيكِ أو لِلأَصدِقَاءِ أو لِلعَمَلِ أَو لِمُجتَمَعٍ دِيّنِي أَو بِبَسَاطة في وَقتِ الفَراغِ لِلنَادِي أَو مَع الآخَرِين أَثنَاء مُمَارَسَةِ هِوَايِةَ ما. يَشعُرُ البَعضُ أَنَهُم يَنْتَمونَ إلى بَافَارِيا ومِيونِيخ وآخَريِنَ إلى الكَرنَفالِ. لِذا فَالأمرُ يَتَعَلَقُ دَائِماً بِأَنْ نَكونَ جِزءاً مِن شَيء مَا أَو مُجتمعٍ أَو مَجموعةٍ. نُريدُ أَنْ يَتِمَ فَهمُنَا وتَقدِيرُنَا مِن قِبَلِ الآخَريِن في مُجتَمَعِنَا، حَتى نَشُعر وكَأنَنَا في بَيتِنَا هُنَاك

في الوقتِ نَفسِه، نَحتَاجُ جَمِيعاً في بَعضِ الأَوقاتِ، إلى العَكس: إلى أَنْ نَكونَ وَحدَنَا مَع أَنْفُسِنَا، مِنْ أَجلِ قَرَارَاتِنَا وآرَائِنَا. يُمكِنُ لِلمرءِ أَنْ يَتَخَيّلَ جَيداً أَنَ هَاتينِ الحَاجَتِين للاِنتماءِ والاِستِقلال يَتَعَارَضَانِ أَحيَّاناً مَع بَعضِهِمَا البَعض

يَفتَرّضُ عِلمُ النَفْسِ الغَرّبِي أَيضاً أَنَنا كَبَشرٍ نُرِيدُ أَنْ نَرَى مَعناً في أَفعَالِنَا وحَياتِنَا

إِنَ المَعنَى يَختَلفُ كَما يَختَلِفُ الأَشخَاصُ أَنفُسهُم، يَجِدُ البَعضُ المَعنَى فِي مُساعِدة ِالآخَريِن. البَعضُ الآخرُ يُريِدونَ حِمَايَة البِيئةَ أَو رِعَايةِ أُسَرِهم أَو تَجميلِ العَالمِ بالفَنِ أَو التَطور شَخصياً

إنَ جَميعَ الاِحتِيَاجَاتِ تَتأثَرُ بِشدةٍ بِالثَقَافةِ كَما وتَتَغَيرُ أَيضاً في مَسارِ حَيَاتِنَا. خَاصةً أَثنَاءَ وبَعدَ الهِجرةَ مِن ثَقافَةٍ إلى ثَقافَةٍ أُخرَى، فَعَلى المَرءُ أولاً إعَادةِ تَوجيهِ نَفسهِ

مَا هيَّ القِيَّمُ المُهِمةُ هُنَا وأَيٌّ مِنْها أَرغَبُ في تَبَنِيها؟ ما هي القِيمُ المُهمةُ بالنِسبَةِ لي ومَا هيَّ القيَّم التي أَرغَبُ في تَكييفها لكي تتناسب مع القِيَّمِ الموجودةِ هنا؟

الاِحتِيَاجَاتُ الأَسَاسيّةُ هي دَائِماً مَكانٌ جَيدٌ لِلبدءِ. هي تَسمَحُ لِلمرءِ أَن يَسألَ نَفسَهُ عَن الاِحتِيَاجَاتِ التي تَمت تَلبِيتُها جيداً بالنِسبَةِ له وأُيها لَم يَتمُ تَلبِيَتُها

وإذا تَعَذَرَ تَلبيةُ بَعض الاِحتِيَاجَات بشكل جيد في الأوقاتِ الصَعبَةِ، فَهل لا يَزالُ بِإمكَاني فَعلُ شَيءٍ حِيَالَ ذَلك؟ إذا شَعرَتُ بِالوحدةِ، هَل يُمكِنُنِي الاِتصالُ بِصديقٍ/ةٍ أَو إرسَالُ رِسَالةٍ نَصيّةٍ إليهِ/إليها؟ إذا كُنتُ أَتوقُ لِهَدفٍ وَمَعنى أكثر، فَهل يُمكِنُني مُسَاعَدةُ شَخص مَا أَو تَعلمِ شَيء جَديد؟

العِلاجُ النَفسي للاجِئين عَبرَ الإنتَرنِت.. هَل يُخَففُ الألم المَسكوتْ عَنهُ؟

الحربُ، رِحلةُ اللُجوءِ والحَياةُ في مُجتَمَعَاتٍ مُختَلِفةَ، تَجاربٌ عَايَّشَها اللَّاجِئونَ السّوريِين وأَثرَت بشدةِ على نَفسِيةِ العَدِيدِ مِنهُم. غَيرَ أَنَ ثَقَافةِ العَيبْ قَد تُثنِيهِمْ عَن اللُجوء لِلعِلاجِ النَفْسِّي، فَهَلْ يُقدمُ العُلاجُ عَبرَ الإنتَرنِت الحل؟

بالتعاونِ مَع جَريِدةِ مُهاجِر نيوز، أَجرَى فَريقُ البَحثِ العِلميّ المَسؤولُ عَن المُدَونَةِ مُقابلةً تُعالجُ مَوضوعَ العِلاجَ النَفْسّي عَبرَ الإنتَرنِت وإمكَانِياتِهِ في تَحسِينِ الوضعِ النَفْسِّي للَّاجِئينَ والمُهَاجِرينَ المُقيمِينَ في أَلمانيا. لِرؤيَةِ المَقالِ الذي يُلخصُ المُقابلةِ، الرَجاءُ الضَغطَ هُنا

اِعتَنوا بأَنْفُسِكُمْ

مَاذا نَفعلُ عِنْدَمَا يَشعُرُ شَخصٌ مُهمٌ في حَيّاتِنْا بِضيقٍ نَفْسّي

:مُؤَخَّراً، أَخبَرَتني صَدِيّقَتي رَهَف التَالي

أَعتقدُ أَنَ أَخي مُكتَئبٌ وَهوَ في حالةٍ سَيئةٍ للغايةِ. إنْهُ يَشعرُ بالِاكتئابِ الشَّديِدِ كُلَ يَومٍ ولَم تَعُدْ الأَشياء الجَميِلةَ قَادرةً على ِاسعَادهِ. هَذا يَجعَلُني حَزينةٌ جِداً ايضاً. حَاولتُ مُسَّاعَدتُه ولَكنْ دونَ جَدوى. أُفَكرُ كُلَ يومٍ كَيفَ يُمكِنُني دَعمُهُ بِأَفضلِ شَكلٍ. لَكِنَنَي بِالفِعلِ اَشُعرُ بأَنَني قَد استَنفَذتُ قِوايّ. بالإضافةِ إلى ذَلكَ لَديَّ الكَثيرُ مِنَ الأُمورِ التَي تَشغَلُنِي ويَتَوَجَبُ عليَّ التَفكِيرُ بِها! لا اَستطيعُ المُتَابَعة على هذا النَحو

نَحنُ البَشرُ كَائناتٌ اجتِمَاعِيةَ: على مَدارِ حَيَاتِنا، تَتَعَمَقُ عَلاقَاتَنا مَع أَفرادِ الأُسرَّةِ، نَقَعُ في الحُبِ ونَجَدُ شَريكُ حَيَاتَنا، ونُكَوّنُ صَداقاتٍ مَدى الحَياة. هُنَاكَ أَشخَاصٌ مُهِمونَ بِشكلٍ خَاصٍ بالنسبةِ لَنْا ونَحنُ قَريبونَ مِنْهُم جِداً. في العَالمِ العَرَبيّ بالأَخص يَملِكونَ العَائِلةُ والأَصدِقاءُ مَكانَةً مُهِمةَ للغايةِ

عِنْدَما يَشعُرُ شَخصٌ قَريبٌ جِداً مِنْا بِتَعَبٍ نَفْسّي، فَإنَ هَذا يؤَثْر عَلَينا بِشَكلٍ كَبير. نَكونُ مُرهَقين ومَعنِيينَ بِالأمرِ. يُعَبرُ هذا التَأثير السَلبي عَن نَفسهِ بوضوحٍ عَلى المُستَوى العَاطِفي خُصوصاً. فَقَد نَختَبرُ أَحد المَشاعرَ التَاليةَ

١. الحُزن، ولِأنْهُ يؤِلِمُنا أَنْ نَرى شَخصاً مُهِماً جِداً بالنْسبَةِ لَنْا، في حَالةٍ سَيئةٍ

٢. اليأَس وذَلكَ لِأَنَنَا لا نَعرفُ كَيفَ يُمكِنُنَا أَنْ نُسَاعِد

٣. الخَوف لِأَنَنَا لا نَعرفُ مَا الَذي سَيَجري ومَاذا سنَفعَلُ بَعدَ ذَلك

٤. الإحبَاطُ والغَضب لأنَ حَياتَنا الخَاصةَ اَصبَحتْ خَارج السَيّطَرةَ وتَعُمُها الفَوضَى

 ٥. الشُعورُ بالذَنبِ والخَجلِ للاِعتِقَادِ بِأَنَنا أَنانيون عِندما نُفَكرُ في حَياتَنا بَينَما الشَخص القَريب مِنْا في حالةٍ سيئةٍ وليَسَ بِخير

بالإضافةِ إلى ذَلكَ، غَالباً مَا يُؤَدي القَلقُ والعِنَايةُ اليَوميَّةَ لِلفردِ المَعني إلى وَضعِ قُيودٍ على حَياتِنا الاجتِمَاعِيةَ وعلى اَوقاتِ الفَرَاغِ الخَاصةِ بِنا. إنَهُ أَمرٌ مَفهومٌ وطبيعي لِلغاية بأَنَنا نُريدُ المُسَاعَدةَ. قَد نَنجحُ بِعمل ذَلك أيضاً بشكلٍ جَيدٍ لبَعضِ الوَقت. ومَع ذَلك، في مَرحلةٍ ما، قَد نَختَبرُ شُعوراً مُمَاثِلاً لِشُعورِ رَهف في المِثالِ أَعلاه

هُنا يَبرزُ السّؤَالُ: مَاذا يُمكِنُنَا أَن نَفعلَ لِأَنفُسِنَا في هَذهِ الحَالة؟

بِسَببِ الضَغطِ الَذي نَمرُ بهِ، مِنَ المُهمِ أَن نَنظُر إلى أَنفُسِنَا وأَن نَطلُبَ الدَعم والمُسَاعَدةَ مِنَ الآخَرين مِن أَجلِ التَعامُلِ مَع هَذا المَوقِفِ الصَعب. وبِهذهِ الطَرِيقةَ، يُمكنُ ضَمانُ دَعمٍ أَفضل لِلأشخاصِ المُقَرَبينَ مِنْا، لِأَنَهُ إذَا سَاءت حَالتُنا، لَن نَتَمَكنُ عِنْدَها مِن تَقديمِ المُسَّاعَدة َبِشكلٍ جَيدٍ. اِليِّكُم بَعضُ النَصائحِ المُتَعَلِقةِ بِذَلك

الِانتِباهُ للاحتِياجَاتِ الذَاتيةِ

١. يَجبُ أنْ نَسّألَ اَنْفُسَنَا عَمّا نَحتَاجُهُ ومَا هو جَيدٌ لَنْا

٢. مُراعاةُ قُدُرَاتِنَا وحُدُدِنا، ومُشَاركةُ المَسؤولِيةَ مَع أَفرادِ الأُسرةِ أَو الأَصدِقاءِ الآخَريِن

٣. التَخطيط لِوقتِ الفَراغِ

تَجَنُبُ العُزلةِ

١. المُحَافَظَةُ عَلى الصَدَاقَاتِ وتَنمِيَةِ الهِوايَاتِ

٢. الاِبتعادُ عَن العزلةِ

٣. التَحَدُثَ مع الآخريِن حَولَ هَذا المَوضوع

الحُصولُ عَلى الدَعمِ

١. الحُصولُ على المَعلوماتِ عَن طريقِ الأشخَاصِ الأَخصَائِيينَ ضِمنَ دَائرةِ مَجموعات الأقارب، مُسّتَشاري مَجموعات الأقارب وفي الإنترنت

٢. البَحثُ عَن الدعمِ النَفْسّي إذا لَم تَنفعُ الخُطواتِ السَّابِقةَ

القارئات والقُرّاءُ الأَعزاء

نَحنُ نَعلمُ مَدى سُهولةِ قَولِ هَذهِ النَصائح مُقارَنةً بِمَدى القوةِ والشَجَاعَةِ المَطلوبَتَين لإتّباعِ أَحد النَصائح. مِنَ المُهمِ أَنْ تَعرِّفوا: أنْتُم لَستُم وَحدَكُم! دَعّوا الآخَرين يُسَاعِدونَكُم

يُمكِنُكُمُ الحُصولُ عَلى اِستشارةٍ خَاصةٍ بِأَقاربِ اللّاجِئينَ المُصابِينَ بأمراضٍ نَفْسّيةٍ عَلى العُنوَانِ التَالي

https://www.caritas-berlin.de/beratungundhilfe/berlin/flucht-und-migration/beratung/fuer-gefluechtete-mit-psychischen-erkrankungen/restart-empower/fuer-gefluechtete-mit-psychischen-erkrankungen

اِعّتَنْوا بِأَنْفُسِكُم! حَتى الاُسبوعِ القَادمِ

لِماذا يَصعُبُ الحَدِيثُ عَنِ الصِحْةِ النَفسّيةَ أحياناً؟

:لِنَتَخَيّلَ مَعاً السّيِنَاريو التَالي

تَعَرَضَ خَالِدٌ لِحادث حيثُ كُسِرَت سَاقَهُ فيه. الطبيب المُعالج يَأخذُ العَظمَ المَكسور على محملِ الجِدْ ويُعَالِجُ الكَسِر. والِدَةُ خَالِد تَعتَني بِه. خالد يُخبِرُ اَصدِقاءَهُ عَن الحَادث ويُظهِرون تَعَاطُفَهم بِشَكلٍ كَبير

لَكنْ عِندما يُخْبرُ خَالدٌ اصّدِقاءَهُ بأنه يُعاني مِنَ الكَثير مَنْ التَوَتر وبِأَنَهُ يَشّعرُ بالحزنِ والخُمولِ مُنذُ اَسَابيع، فَإنَ ردَةَ الفِعلِ مَن حَولهِ غَالِباً ما تَكونُ مُختَلِفةً

اضحك من جديد!، كلُ شخصٍ يَمرُ في يوم سيئ!، يَنبَغي عَليكَ الخُروجَ واستنشاقَ الهواءَ النَقي، كُلُ هَذه عِبارة َعَن أجوبة نَموذَجية على إدلاء (أو أحياناً تَلميح): انا لا اَشعرُ على ما يُرام نَفْسّياً

لِماذا يكون رد فعلنا مُختَلِفٍ تَمَاماً على الصِحة البَدَنِية والعَقلِية؟

  يُمكِنُ لِلشَخصِ العُثورِ على هَذِهِ الظَاهِرةَ في كُلِ مِن العَائِلات العَرَبيّة والأُوروبيّة، حتى ولو على سَبيلِ المِثال، هُنَاكَ بِالفِعل الكَثير مِن المُحَاولات في ألمانيا للتَحَدثِ بِشَكلٍ أَكثَر اِنّفِتَاحاً عَن الصِحةِ النَفْسّية والاضطِرابَات وجَعلَها أَكثرَ قُبولاً في المُجتَمَع. لأنه صدقاً كُلُ شخصٍ لديهِ نَفسّية وكُلُ شخصٍ لديه جَسّد. كِلاهما مُمكن أن يكونا سَليمين أو عليلين

الاختِلافُ الأَول هوَ أَنَ الصِحةَ النَفْسيّةَ لَطَالَما كانت مِنَ „المُحَرَمات“. وهَذا يَعنْي بِأَنَ الشَّخْص يُفَضْلُ عَدَمَ الحَديثِ عَنها في الأُسرة  وبَينَ الاَصدِقاء وَفي المُجتَمَع. بالإضافة إلى ذَلكَ، هُناك ما يُسَمْى بِوَصمَةِ عَارٍ عَلى الأَمْراضِ النَفْسيّة. هَذا يَعني بِأَنَ الشَخّصَ يَربطُ الأَفكارَ السَّلبِية بِها. وَصّمَةَ العَارِ هيَّ أَنَ الأَشّخاصَ المُصَابونَ بِمَرَضٍ نَفْسي ضُعَفَاء أو أَنَّهُم لا يَبْذِلون جُهداً كَافِياً. في مُعظَمِ الأَحيّان يَكونُ العَكس هو الصَحيح، حَيثُ يَتَطَلَبُ الأَمَرَ الكَثِير مِنَ القوةِ والمُثَابَرةِ لِشِفَاءِ النَفْس. بالإِضافةِ إلى ذَلك، مِنَ المُفتَرضِ أَنَ الأَشخاصَ المُصابين بِأَمْرَاضٍ نَفْسيّة „مَجَانْين“ أَو لَدَيهم ضُعفٌ في الشَخصِيةِ. لَكِننا نَعلمُ مِنَ البَحثِ العلمي أَنَ سَببَ الاضطِرَابَاتِ النَفَسّية هو عَادَّةً مَا يَكونُ مُتَعَدد العَوَامْل (مِثلُ الجِينَاتِ وتَجَاربِ الطُفولةَ المُبَكِّرَة والبِيئةَ). كَمّا تَرَوا، غَالِباً مَا يَكونُ هُنَاكَ نَقصٌ في المَعّرِفةَ حَولَ العَمَلِياتِ النَفْسّيِة بِحَيثُ يَتِمُ اِعتِبَارُ أَنْصَافَ الحَقَائقِ صَحِيحَةً

وِفْقَاً لِلدِراسَات فَإنَ حَوالي ٣٠-٤٠ يُصَابونَ خِلالَ حَيَاتِهم بِاضطِراباتٍ نَفْسّيَة مِثل الاكتِئاب، واضطِراب الخَوف أَو الإدْمان. عِندَ بَعضِ السُّكانِ مِثلَ المُهاجِرين، يَكونُ الخَطرُ أكبر. لِذا فَقدْ حَانَ الوَقت لِجَلبِ المَزيدَ مِنَ المَعرِفَةِ حَولَ الصِّحَةِ النَفْسّيِة إلى المُجتَمَعِ والأُسَّر (سَّواء الأَلمَانِيَة أَو العَرَّبِيَة) وبَالتَالي جعل هذا المَوضوع طبيعي. إنَ أَكبرَ مُعَاناةٍ للمُصَابينَ بِمَرضٍ نَفْسّي هي أنَه يَحِبُ عَلَيِهم الحِفاظُ عَلَيه سِرّاً. نَتِيجَةً لِذَلكَ، يُعَاني المَرءُ في صَمتٍ ويُمكنُ للمَرضِ أَن يَتَغذى ويَزْدَاد مِنْ خِلالِ الشُّعورِ بِالوِحدَة وسُّوءِ الفَهمِ. إذاً ما هو المُهم؟

إذا كُنْتَ تَعرِفُ شَخصاً حزيناً، فَاَسأَلهُ عَمّا إذا كانَ يُريِدُ التَحَدُث. سَوفَ تُذهَل بما تقدم له من معروف. إذا كانَ لا يُريدُ التَحَدُثَ عَن ذَلك، فَأنْتَ عَلى الأقل قَد سَأَلت

اطَلَبِ المُساعَدةَ. يُمْكِنُ للأَطباءِ والمُعالِجين ذَّوي الخِبرةَ أَنْ يوَفروا لَكَ مَساحَةً للتحدثِ بصراحةٍ وصِدْق حَولَ ما يَجْرّي. هُناكَ أَيضاً مَجموعاتُ دَعمٍ في كُل مَدينةَ رَئيسيةَ. هذا الأَمر في البداية يَتَطَلبُ القَليلَ مِن الشجاعةِ، ولكن كَونك بين الأشخاص ذَوي التَفكيرِ المُماثلِ غالباً ما يُشعرِكَ بِأنْكَ مَفهومٌ

يُمكِنُكَ أَيضاً تَعَلمُ الكَثيرَ مِنَ الاستراتيجياتِ مِن الأشخاصِ المُتَضَررين الآخَرين. لست مضطراً للتحدثِ مع عائلتِكَ على الفَور إذا كُنْتَ تَخشى أَلا يَتمَ أخذُكَ عَلى مَحمل ِالجِدْ، ولَكنْ قَد يَكونُ هُنَاكَ أَشخاصٌ مِنْ حَولك تَرغبُ في التَحَدثِ مَعَهم

مِنَ المُهم أَنْ تَعرف: أنْتَ لَسّتَ وَحدَكَ ولَيّسَ عَليكَ أَنْ تَمُرَ بِكُلِ هَذا بِمُفرَدكْ

ما الذي يُساعدُ في أوقاتِ جَائحةِ كورونا؟

رُبَما لا يُوَجَدُ مَوضوع يشَغَل العالم في الأشهرِ الأخيرة أكثرَ من جَائحةِ كورونا والجوانب المُرتَبِطة بها. أصبح فايروس كورونا يُشكل للكَثير منَ الناس عِبْئاً حَقيقياً. عَدم اليَقين بِما يَخص المُستقبل، والخَوف مِن فُقدان الوظيفة، والتوفيق بين رعاية الأطفال والعَمل أو التَدريب العَمَلي، بالإضافة إلى الانفصال والتباعد عن العائلة والأصدقاء، كُلها عوامل تُؤثر على أرواحنا „نفسيتنا”. فوق كل ذلك يأتي للتَوْ هذا الطقس البارد الذي يَضعُفُ فيه المَزاج أيضاً

:من الأسئلة المُهمة التي تشغل الكَثيرون

كَيف يُمكِنني القيامُ بشيء ما من أجل صِحَتي النَفسية والجَسَدية على الرغم من قيودِ جائحةِ كورونا (مثل الإغلاق الجزئي) وما الذي رُبَما ينبغي عليَّ الأفضل تَجَنُبهُ؟

بَادئُ ذي البدء، من المُهم أن نَتقبَلَ بأن هذا الوقت هو وقت صعب، خاصةً إذا كان الشخص في الواقع كان يَرغبُ في الحصولِ على مَوطئِ قدمٍ في بلدٍ جديدة لِبِضعِ سَنَوات والآن مع جائحة كورونا، فإنها تَجعلُ مجدداً بَعضَ الأمور أكثَر صُعوبةً

إن الاعتراف لأنفسنا بأننا غالباً ما نَكون حَزينين أو سَريعي الغَضَب والنظر إلى هذا على أنه „أمر لا بأس فيه“ يُخفف من بَعض الضَغط علينا

يَنبغي أن تُساعِدَكَ الأسئلة التالية على التَفكير في الاستراتيجيات المُفيدة لك. لا تَتَرَدد في كِتَابَة بِضعةَ أسطرٍ عن ذَلك. إنَ الكِتَابة تُسَاعد ايضاً في تَصورِ أَفكَارَك

١. ماهي المَواقف الصَعبة في الحياة التي تَغلَبت عليها من قبل؟ ما الذي سَاعَدَك في ذَلك؟ فَمن خِلالِ تَذَكُرِنا، كَيّفيةِ تَغلُبِنا على المَواقف الصَعبة، نَستَطيع أن نَربِطَ بين أنفسنا وبين نقاطِ قُوتنا وقُدراتنا، التي يُمكِن أن نَكونَ قَد نَسيناها والتي مازِلنا قادِرينَ على استخدامها  

٢. إن التواصل الاجتماعي النَفسي حالياً مُقيدٌ وبشدة. فَعلى الرُغمِ من ذَلك، ما هي الاحتمالات المَوجودة للتَواصل مع العَائلة والأصدقاء؟ (على سبيل المثال، مكالمة هاتفية، واتس أب، فيس بوك، نزهة قصيرة على الأقدام). يمكن للشخص الذي يُعاني من الوحدة أن يأخذ على عاتقه مثلاً بالتواصلِ مع شَخصٍ واحد يومياً  

 ٣. ما هي الأشياء الصَغِيرة التي يُمكِنُني أن أُهديها إلى نَفسي، والتي قَد تَكون جَيدة بالنسبةِ لي؟ ليسَ مِنَ الضروري أن تَكونَ هذهِ الاشياء كَبيرة، فمن المُمكن أن يَكون كأساً من الشاي أو طعاماً لذيذاً، نُزهة على الأقدام، أَخذُ حَمامٍ ساخن أو مشاهدة مُسَلسل مُمتع. اعتِناؤنا بأنفُسِنا بشكلٍ واعٍ يُشعرنا بأهميتِنا ويُخفف الضَغط النَفسي

٤. ما هي المَشاكل الكبيرة التي يَجبُ أن اتَعَامل معها وما هي المَشَاكل الصَغيرة التي استطيعُ تَجَاهُلَها؟ إن قِوَانا ومَوَارِدَنا حالياً مُقيدة، لذا من المهم تَحديدُ الأولويات. ما الذي يجب مَعالجتهُ بالفعل فيما يَتَعلَق بالعَمل، الصِحة، الأُسرة أو المال وما هي المَشاكل الصَغيرة التي يُمكن أن تُعَالج لاحقاً؟  

٥. طلب المساعدة: إذا لم تَكن على ما يرام في الجائحة لفَترَةٍ طويلة، فلا بَأسَ تماماً. مِنَ المُهم جداً طَلبُ المُسَّاعَدة العديدُ من الأشخاص يَبحَثون حاليًا عن الدَعم من طبيب أو معالج. كَمُساعدة سَريعة، يُمكِنُكَ أيضاً استخدام تَطبيقنا „خُطوة خُطوة“ لفعلِ شيء من أجل صحتك العَقليةَ

الكورونا هي ليَست مُجَرد جائِحة مَرضية وجَسَدية، بل هي أيضاً جائحةٌ نَفْسية. إن الضُغوطات النَفسية كَبِيرة ومن المُهم تطوير الاستراتيجيات وذَلكَ لِلتَعَامُلِ مَعَها بِفَعاليّة

ربما لديك أنتَ أيضاً استراتيجيات فَرِيدة وخَاصة بك. نَحنُ نَوَدُ بِكلِ سرورٍ أن تُخبرنا عَنْها 

اسمح لَنْا أن نَعرف في التَعليِقات

نَحنُ نَتَطَلع إلى زيارَتَكم لنْا الأُسبوع المُقبل

الخَوفْ واِضطراب القَلَقْ 



نَجلس معاً في مجموعةٍ لطيفة وإذ بنا نتطرق إلى موضوع الخوف، والذي هو موضوع انساني إلى حد كبير

:جميعنا نستجمع القليل من الشجاعة ونقول

تَقول نور: أخشى الثَعابين، أُريد فقط الهروب، عندما أراها

يَعترف خالد ويَهُز رأَسه مُنزعجاً قَليلاً: أخشى الخلاف مع رب عملي 

غالباً ما كُنتُ قَلِقَة بِشأن مُستقبلي مُنذ أَن كُنت في ألمانيا، تَقول مُنى

يَهمس أحمد وينظر إلينا جميعاً، ونَحْنُ نُومئ: عِندما اسمع صَوتاً قوياً، أَشعرُ بالخَوفْ وابدأُ بالهرب

هل هذه الأمثلة خَوف أم اضطرابُ قَلقٍ بالفعل؟

بَادئ ذي البدء، دعونا نحدد أولاً ما هو الخوف في الواقع: الخوف هو حَالة مِنَ الإثارة في الجسم تَنجُمُ عن ادراكِ مَوقفاً أو شَيئَاً ما (مثل الثُعبان) يُنظر إليهِ على أنهُ تَهديد

الخوف، في اللاتينية „أنغريه“ (وتُترجم: الاختناق، الشَد على الحلق)، يهيئ الجسم للفرار أو في حالات نادرة لمُحاربة التهديد. إن الشعور النموذجي بالخَوف، بالإضافة إلى تسارعِ ضرباتِ القلبْ والتَوتر والتَعَرق كُلُها تَغَيرات جَسَدية تَجعلُنا نَفر أو نَهرُب بشكلٍ أسرع

لماذا يَحتاجُ الشخصُ إذاً إلى شعورِ الخَوف المُزعج؟

غالباً ما يُنظرُ إلى الخوفْ على أنه شعور غير مريح وهذا شيء طبيعي. يُريد الجسم أن يُعطينا إشارة بأنه يَجب علينا طَلب الحِماية. فمن الأفضلِ أيضاً أن نستمع إلى أجسامنا عندما تُرسِلُ لنا إشاراتٍ غير سارة (مثل الجوع والعطش). نحن نملك آلية الأمان هذه مُنذ تَعرُضنا نحن كبشرٍ للعَديدِ من المخاطرِ من الحيوانات والبشر الآخرين (أي في العصر الحجري). الخَوف من الثَعابين يأتي لِكثيرٍ من النْاس من هذا الوقت، على الرُغم من أنهم يَعيشون في مناطق لا يوجد فيها ثَعَابين خَطِرةَ 

في العَالم الغَرّبي، هناك عَددٌ قَليلٌ جداً مِنَ الأخطارِ الحقيقية لمعظم الناس في الحياة اليومية. معظم الناس يَقلَقون بشأن النِزاعات الشَخْصية أو أعباء العمل. „أنا خَائفٌ من الصراعِ مع رب عملي“ هو مثال نموذجي لهذا الخَوف

بالطبع، تَبدو الأمور مُختلفة تماماً عندما يُغادرُ المرء بلداً كانَ عَليه أن يخشى فيه على صِحتهْ أو حتى على حَياتهْ. هذا الخوف لهُ تَأثيرٌ وقائي، ربما في الشَكلِ الذي قَرر المرء فيه الفَرار بالفعل، على الرغم من أنهُ كانَ عليه تَركُ العَائلة والأصدقاء خَلفه

من نَاحيةٍ، يُمكنُ أن يَكونَ الخَوفُ مُفيداً جداً في المَواقفِ التي تَنطَوي على التهديد، ومِن نَاحيةٍ أخرى، يمكن أن يَجعل الخوف المُشكلات اليَومية تَبدو أكبر مما هي عليه بالفعل 

لكن متى يتحدث المرء عن اضطراب القلق؟

يتحدث المرء عن القلق عندما يُعاني الشخص المَعني من الخَوف. في هذهِ الحَالة، لم يَعد الخَوف يُحَقق غَرَضاً وِقائياً، بل يُبعد الشخص عن حَياتِه اليَوميَة. لذا فإنَ حدثاً معيناً (مثل الضَوضاء العالية) يُثير الخَوف وربما ذكريات المواقف التي كانت تَعني فيها الضوضاء العالية خطراً ما

لقد خَزنت نفسيتنا صوتَ الانفجار أو الدَوي في الذاكرةِ على أنه خطير. يَنطبقُ هذا أيضاً على المَواقفِ التي يَكونُ فيها الانفجار أو الدَوي على سَبيل المِثال قادم من العدم. إنه يُشْبهُ إنذارَ الحَريقْ الذي يبدأ في إصدارِ صَفير ليس فقط عند نشوبِ حريق، ولكن أيضاً عند وجود بخار

يَتجنب المُصابون مِنذُ ذَلكَ الحين هذهِ المَواقف المُسببة للخوف أو المشاعر الغير مريحة، مما يُؤَدي إلى تَفاقم الخوف.يَزداد الخوف بشكل كبير، عند تَجنُبنا للمَواقف المُحفزة لهُ

فَهل كلُ شخص يَخاف الثُعبانْ، يُعَاني من اضطراب القَلق!؟

لا، هذا خَوفٌ يُمكن أن يَكون مُفيداً ومُناسباً. مُعظم النَاس لا يُعانون منهُ في الحياةِ اليَومية (إلا إذا كانوا يَعمَلون في حديقةِ للحَيَوان ويَتَعامَلون مع العديدِ من الثَعابين).يُمكنُ للتجاربِ قبل وأثناءَ رحلة اللجوء، وكذلك تَحديات العيش في بلدٍ جَديدٍ بِقَواعدٍ جديدةَ، واللّغة والتَجارب المُجهدة مع العُنصرية أو البيروقراطية، أن تَخلِق مَخاوف

إذن ما الذي يَنبَغي أن أبحثَ عنهُ إذا شعرت أنا نفسي أو شخص عزيز عليَ بالخوف الشديد؟

:الأعراض المهمة التالية التي تُقَيد الحَياة

ـ الأشخاص المُتَضَررون يراودهم القلق الشديد وغالباً ما يكونوا سجناء هذهِ الأفكار

ـ الناس المُتَضَررون يَخَافونَ منَ الخَوف

ـ مُواجهة صُعوبة في النَوم، وآلام في العضلات، وَخز في الصَدر أو فُقدان الشَهية

ـ يَمنع الخوف الناس من القيام بالمهام اليومية مثل العمل أو الهوايات أو العلاقات الاجتماعية أو الشعور بالسعادة

ـ يَنعزل الأشخاص المُتأَثرون كثيراً ويَتَجنَبون المَواقف المُسببة للخَوف

ـ غالباً ما يعلم الأشخاص المُتأثرون أنَ الخوف هو مبالغ فيه وغير منطقي

ـ يُعَاني المُتأثرون بِشَكل كبير من هذهِ القيود

في بعض أشكال اضطراب القلق، والذي يُسَمى باضطراب الهَلَع، يَبدو أن الخَوف يَظهر من العَدَم ودون سابق إنذار.غالباً ما يَجدُ الأشخاص المُتأثرون رد فعل الخوف السريع غير المُتَوقع هذا مزعجاً للغاية وغالباً ما يكونُ لديهم شعور بأنهُ لم يَعُد بإمكانهم التنفس أو أن لَديهم شَيئاً ما ليس على ما يرام في القلب

كيف تُعالج المخاوف؟

غالباً ما يكون من السهلِ التعاملُ مع المخاوف. نقطة الاتصال الأولى هي طبيبُ الأُسرة أو مَركز الاستشارات النفسيةَ والاجتماعيةَ، الذي كما ذكرنا سابقاً، يستهدف أيضاً الأشخاص اللاجئين تحديداً

غالباً ما يكونُ العلاجُ النفسي ضرورياً لعلاج الخوف. مما يتيحُ للشخص النَظر عن كَثب إلى محفزات الخوف والاستراتيجيات لكيفية تقليل الخوف.أحمد قام بالعلاج….ولا يزالُ يَشعرُ بالخوف إذا سَمعَ صوتَ انفجار ولكنهُ الآن يعرف السبب، ويَتقبل الخوف ويمكنه تهدئة نفسه. ثم يواصل عمله. إن الخوف الآن هو مجرد رفيق صغير له

مَا هُوَ الدَّوْرُ الَّذِي يَلَعِّبُهُ الْبَحْثُ الْعِلْمِيُّ فِي الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ؟

:هذه المرة، لنبدأ بالسيناريو التالي

نور تعاني من مشاكل صحية وتبحث عن مختص لها. الأخصائي يأخذ تاريخ الحالة الطبية ويشخص ما قد تكون المشكلة لدى نور. يقول الأخصائي أنه يمكن علاج الأعراض بسهولة وبشكل مُعتمد باستخدام طريقة العلاج اكس واي (رمز تخيلي). إنها فعالة وتظهر دائماً نتائج جيدة. توافق نور على خطة العلاج وبعد فترة اختفت الأعراض بالفعل بفضل طريقة العلاج هذه!

الآن قد يتساءل المرء كيف يعرف الأخصائي ما إذا كانت طريقة علاج معينة فعالة أم لا. كيف يتم تحديد ما إذا كانت طرق أو مناهج العلاج مفيدة وفعالة أو ربما غير فعالة أو حتى ضارة. الجواب: عن طريق العلم والفحوصات العلمية

عندما يتم تطوير طريقة علاج جديدة – سواء كانت لمشكلة جسدية أو نفسية – يجب اختبار فعالية هذه الطريقة. يتم ذلك عادةً في إطار الدراسات العلمية مع أكبر عدد ممكن من الأشخاص المتأثرين بهذه المشكلة
:إذن يتم تحديد

 ١) هل الطريقة فعالة في حل المشكلة؟

٢) إذا كانت الإجابة بنعم (أو لا)، فلماذا؟

٣) كيف يمكن تحسين الطريقة؟

فقط بعد اجتياز طريقة العلاج الجديدة „لاختبار العلم“ يمكن تقديمها في مجال الرعاية الصحية. للرجوع إلى السؤال الأول في عنوان المقال، يلعب البحث العلمي دوراً مهماً للغاية في الرعاية الصحية!

:لنلقِ نظرة على حالة ملموسة من الحياة العملية

أُثبتت فعالية مناهج العلاج النفسي التقليدية (علاجات وجهاً لوجه) منذ فترة طويلة وذلك عبر جميع الحضارات. نتيجة لتطور التقنيات الحديثة، كانت هناك مجموعة كاملة من عروض العلاج عبر الإنترنت في العالم الغربي على مدى العقود القليلة الماضية. أثبتت العديد من الدراسات العلمية في المجتمعات الغربية فعالية مثل هذه الأساليب العلاجية المستندة إلى الإنترنت. بسبب العديد من العوامل، تم النظر في إمكانية تقديم علاجات عبر الإنترنت في المنطقة الناطقة باللغة العربية. تم دراسة هذا النهج علمياً لسنوات مع العديد من المشاركين الناطقين باللغة العربية، ولكنه لم يتم تأسيسه بعد كما هو الحال في الدول الغربية

نحن في جامعة برلين الحرة ندرس أيضاً النهج الحديث نسبياً في المناطق الناطق باللغة العربية. في إحدى الدراسات، نقوم حالياً باختبار تطبيق المساعدة الذاتية المستند إلى الهاتف الذكي النفسي والذي تم تطويره بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ويسمى „خطوة خطوة“. تمت ترجمة برنامج خطوة خطوة للبلدان الناطقة باللغة العربية وملائمته ثقافياً لتقديم الدعم النفسي في حالة الضغط والتوتر والحزن بسبب الظروف المعيشية الصعبة. يقدم العرض معلومات وتقنيات ومهارات نفسية، يمكن من خلالها إدارة المشاعر والأفكار المسببة للتوتر بشكل أفضل! يمكن حالياً استخدام خطوة خطوة من قبل اللاجئين من سوريا في ألمانيا والسويد ومصر. لن يكون التطبيق متاحاً لجميع المتحدثين باللغة العربية إلا بعد أن تكون الجامعة قادرة على إثبات فعالية خطوة خطوة

في الفقرة الأخيرة نود أن نكتب عن الدور الذي لا غنى عنه للمشاركين :الطوعيين في دراسات البحث العلمي

كل باحث علمي جيد يعلم أنه كلما زاد عدد الأشخاص المشاركين في الدراسة العلمية لنهج علاج معين والمتأثرين بمشكلة صحية، كانت نتائج الدراسة أكثر جدوى وقابلة للتعميم لعامة الناس! بمعنى آخر، يعتمد العلم على أكبر عدد ممكن من المتطوعين للمشاركة في دراساته. بغض النظر عن مدى فعالية طريقة العلاج الفعلية، إذا لم يتم إثبات فعاليتها عند العديد من المشاركين في الدراسة، فيجب عدم تقديمها في مجال الرعاية الصحية. كجزء من دراسة خطوة خطوة، تحتاج جامعة برلين الحرة إلى أكبر عدد ممكن من المتطوعين من سوريا الذين يعيشون في ألمانيا والسويد ومصر. لذلك إذا كنتم من سوريا وتعيشون في هذه البلدان، فإننا ندعوكم بحرارة للمشاركة في دراسة خطوة خطوة. الرجاء استخدام الروابط التالية لتحميل التطبيق ومعرفة المزيد

:صفحة الويب

https://khoutouwat.com/

:أندرويد

https://play.google.com/store/apps/details?id=de.fuberlin.stepbystep

:أيفون

https://apps.apple.com/us/app/%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%A9-%D8%AE%D8%B7%D9%88%D8%A9/id1487782077?ls=1

الأسبوع القادم سنكتب عن موضوع „اضطرابات القلق والخوف“.

!نحن نتطلع لزيارتكم

اِكْتِئَابٌ

ربما لقد سمعت بكلمة „اكتئاب“ من قبل، لكنك لا تعرف ما هو بالضبط. ربما قد تعرف أيضاً شخصاً كان مصاباً بالاكتئاب من قبل. غالباً ما نقول „أنا حزين“ أو „أنا مُحبط“، لكن هل هذا يعني أننا مكتئبون؟

لا، كل شخص يشعر بالحزن أو بالإحباط في بعض الأحيان، خاصة عندما نواجه تحدياً صعباً أو خسارةً مؤلمة. إنما الاكتئاب هو مرض يصيب العقل والجسد. على غرار كسر في الساق أو إصابة في الذراع

يتم تشخيص الأمراض من خلال الأعراض، أي الشكاوى الفردية، التي تظهر معاً. في حال كسرٍ في الساق، يكون التشخيص سهلاً في الغالب. نقول إن الساق مكسورة عندما يكون هناك كسر جزئي أو كامل في العظام. في حالة الأمراض النفسية الأمر معقد أكثر بعض الشيء. نظراً لأن كل اكتئاب يجلب معه أعراضاً مختلفة قليلاً، فقد تم الاتفاق على أن بعض الأعراض المعينة يجب أن تكون موجودة لكي نستطيع أن نشخص هذا المرض

قبل كل شيء، يجب أن تكون الشكاوى موجودة لمدة أسبوعين على الأقل في كل يوم تقريباً. بالإضافة إلى ذلك، عادةً ما يظهر المصابون واحداً أو :أكثر مما يسمى بالأعراض الرئيسية

١) فقدان الاهتمام بالأشياء والهوايات والعمل والناس. بعبارة أخرى، الأشياء التي كان المصابون يهتمون بها مسبقاً تصبح عادية وغير مُهمة في حالة الاكتئاب

٢) يظهر المصابون بالاكتئاب مزاج حزين، يكونوا محبطون وفي حالة الاكتئاب الشديد لا يمكنهم أن يشعروا بالسرور أو السعادة

٣) يفتقرون إلى الدافع للقيام بالأنشطة اليومية أو للهوايات والعمل. في بعض الأحيان يتعين عليهم بذل جهد كبير للنهوض من السرير واتباع روتين يومي منتظم

هناك أيضاً سلسلة أخرى من الأعراض الجانبية التي يمكن أن تظهر:

٤) قلة النوم أو كثرة النوم

٥) شهية أقل أو أكثر

٦) نظرة سلبية للنفس

٧) اليأس من المستقبل / التشاؤم

٨) مشاعر الذنب تجاه الماضي

٩) ألم في الجسم

١٠) أفكار انتحارية

تختلف الشكاوى الفردية ومداها أيضاً اعتماداً على الخلفية الثقافية للشخص المتضرر. نظراً لأن كل اكتئاب يختلف عن الآخر بما أن الناس فرديون جداً، يمكن لبعض الأشخاص إظهار عوارض خفيفة أو شديدة. بعض الناس يمرون بمرحلة اكتئاب واحدة فقط في الحياة، بينما يمر البعض الآخر بمراحل مراراً وتكراراً، أي عندما يكون الاكتئاب مزمن

لماذا يصاب الناس بالاكتئاب؟

تمت مناقشة هذا السؤال كثيراً. يبدو أنه لا يوجد سبب „واحد“ فقط. يتفاعل الجميع بشكل مختلف مع الأحداث في حياتهم. خاصة فيما يتعلق بتجارب اللاجئين وما يسمى بتجارب ما بعد الهجرة، أي التعامل مع التحديات في بلد جديد، يمكن أن يشعر شخص باليأس والآخر يشعر وكأنه يحصل على فرصة جديدة

كيفية تفاعلنا مع تحديات معينة لها تأثير كبير على نفسيتنا، غالباً ما تلعب العوامل البيولوجية والوراثية، بالإضافة إلى التجارب التي مررنا بها كأطفال دوراً مهم أيضاً. لدينا جميعاً سلوكيات نموذجية تعلمناها في وقت مبكر، والتي إما تساعدنا أو لا تساعدنا في المواقف الصعبة

مجدداً، من المهم أن نقول إن الاكتئاب هو مرض. حتى لو كان الكثير من الناس، في ألمانيا أيضاً، ما زالوا يعتقدون أن „الشخص المكتئب هو مجرد كسول أو لا يبذل جهداً كافياً“، فإن الأمر ليس كذلك

إذاً، ما الذي علينا فعله في حالة الاكتئاب؟

عادة لا يمكن التغلب على الاكتئاب بمفردنا، في كثير من الأوقات يتطلب الأمر علاجاً. يمكنك الحصول على المشورة بشأن هذا الأمر في ألمانيا. إما فيما يسمى بمراكز الإرشاد النفسي الاجتماعي، والمتوفرة أيضاً خصيصاً للمهاجرين، أو عند طبيب الأسرة

إذا ظهر بعد ذلك أنك تعاني من الاكتئاب، فهناك متخصصون لعلاجه. يوجد في ألمانيا معالجين وأطباء نفسيون. يعالج الطبيب النفسي الاكتئاب بالأدوية. ومع ذلك، في معظم الحالات، لا يكفي العلاج الدوائي لوحدة. العلاج النفسي مهم وضروري أيضاً. يتم إجراء المحاولة بطريقة سرية للغاية لمعرفة ما تسبب في الاكتئاب وما هي الاستراتيجيات التي يمكن للشخص المصاب استخدامها لتقليل العبء

إذا شعرت أنك مصاب بالاكتئاب بنفسك، فيرجى مناقشة هذا الأمر مع شخص ما، ويفضل أن يكون طبيباً

مَا هُوَ التَّوَتُّرُ بِالضَّبْطِ؟

يقول لي أحد الأصدقاء: أنا متوتر للغاية

يبدو أن الجميع يمتلكه والجميع يريد التخلص منه. لكن ما هو التوتر عموماً ومتى يمكن أن يصبح خطيراً؟ بادئ ذي بدء، التوتر هو رد فعل الجسم على الخطر، كما هو الحال عند العديد من الحيوانات الحية الأخرى. ربما تكون قد لاحظت بالفعل أنك عندما تكون متوتراً تغضب أو تفضل الهروب أو الاختباء تحت الأغطية. في حال التوتر نميل إلى „القتال“ أو „التجمد“ أو „الفرار“، في اللغة الإنجليزية هؤلاء هم

Fight, Flight, Freeze

من ناحية جسدية، التوتر يعني أن يتم تزويدنا بالطاقة للتعامل مع الخطر. بدايةً، هذا شيء مفيد. على سبيل المثال، إذا رأينا حيواناً ساماً، فيمكننا الهروب أسرع بفضل هذه الطاقة

معظم الضغوط في الحياة اليومية المُسببة للتوتر ليست بسبب الحيوانات السامة، ولكن بسبب المواقف اليومية مثل مقابلة أشخاص جدد أو الضوضاء أو العديد من الالتزامات. الأمر مختلف عندما تأتي إلى بلد آخر. في هذا الحال يمكن أن تسبب الكثير من الأشياء التوتر. عدم اليقين من القدرة على البقاء هنا، اللغة والثقافة الجديدة، البيروقراطية في التعامل مع السلطات، والعنصرية وبالطبع ذكريات الماضي. ينظر الناس إلى أشياء أو أشخاص أو مواقف مختلفة على أنها مُرهقة ومُسببة للتوتر. التوتر هو أمر فردي، حتى لو كانت هناك مواقف معينة تعني خطراً على جميع الناس

يمكن أن يكون لمستوى التوتر المتزايد بشكل دائم تأثير سلبي على صحتنا، حيث يتم توفير الطاقة طوال الوقت. الأمر مشابه لقيادة السيارة بأقصى سرعة طوال الوقت. بعد فترة يمكن أن يشعر المرء بالتعب والإرهاق

إذاً، ينشأ التوتر في المواقف التي تشكل خطراً علينا. غالباً ما تكون أفكارنا وتقييمنا للمواقف مهمين. إذا حكمنا على الموقف على أنه شيء يمكننا التعامل معه بمفردنا أو بمساعدة الآخرين، فسنحاول القيام بذلك على الأغلب. لذلك، نحن ندرك صعوبة الموقف ونقارنها بالمهارات التي لدينا للتعامل معها

من المهم أيضاً كيف نتعامل مع أنفسنا في المواقف الصعبة. هل نحن لطفاء ومتعاطفون مع أنفسنا („أعلم أن هذا موقف صعب، لكنني أحاول أن أكون ودوداً مع نفسي وسوف أنجح في التغلب عليه“) أو صارمين ومتطلبين („يجب أن تشعر بشكل أفضل …“ ) – أي سيناريو يبدو وكأنه أقل توتراً؟

يؤدي التوتر طويل الأمد والشعور بعدم القدرة على فعل أي شيء حياله إلى إجهاد مزمن مع علامات جسدية نموذجية مثل الأرق واضطرابات النوم وقلة الشهية أو تشنج العضلات

فهم التوتر مهم من أجل التعامل بشكل أفضل مع التوتر. سؤال النفس، ما الذي يسبب توتري في الموقف الآن؟ كيف يعبر جسدي عن هذا (تشنج الرقبة أو الأرق) وما هي أفكاري تجاه ذلك؟

قد يكون من المفيد أيضاً أن تخبر شخصاً ما عن توترك؛ الطبيب هو أيضاً عنوان جيد لذلك. إذا كان لديك شعور بأنك تعاني من التوتر بشكل دائم، فيجب أن تحصل على المساعدة (خطوة بخطوة)ستجد مع الوقت في هذه الصفحة أيضاً تمارين بسيطة للقيام بشيء حيال تجربتك مع التوتر

مَا هِي الْمَشَاعِرُ وَلِمَاذَا تَعَدُّ مُهِمَّةٍ؟

ربما تكون المشاعر هي أكثر ما يربطنا ويجمعنا كبشر وأقل ما نتحدث عنه. في كل من العالم العربي والغربي لا يزال هناك العديد من المحرمات حول حياتنا الداخلية

إذا سألت شخصاً ما في ألمانيا عن أحواله، فعادة ما تحصل على إجابات قصيرة أحادية المقطع مثل: „جيد“، „لا بأس“، „حسنًا ..“، كيف هو الحال في بلدكم؟

نادراً ما تسمع، „اليوم أنا راضٍ تماماً“، „أشعر بالحزن قليلاً“ أو „أنا خائف قليلاً، لكنني متحمس أيضاً“. تبدو حياتنا الداخلية العاطفية خاصة جداً، نحن نشاركها على الأكثر مع الأصدقاء المقربين أو الأقارب. وهذا ينطبق على العديد من الثقافات

في معظم الأوقات، ليس من السهل معرفة ما يشعر به المرء. لم يتعلم معظمنا أبداً كيف بإمكاننا أن ننظر إلى داخلنا ونتواصل مع مشاعرنا

إذن ما هي المشاعر؟ بادئ ذي بدء، هناك العديد من المشاعر، لكن في العالم الغربي تم الاتفاق على بعض المشاعر الأساسية: الفرح، والحزن، والغضب، والخوف، والاشمئزاز، (الحب). ولكن انتظروا لحظة، اليس أغلب هذه المشاعر سلبية وغير سارة؟

نعم، يفترض العلماء أننا نختبر المزيد والمزيد من المشاعر السلبية لأنه من المفترض أن تحمي بقائنا، ولكن على المرء أن يفهم ما وراء كل شعور من احتياجات أو طلبات

نشعر بالغضب عندما يتجاوز أحدهم حدودنا. عندما يسيء لنا شخص ما أو يتم التعامل معنا بشكل غير عادل. يمنحنا الغضب الطاقة للدفاع عن أنفسنا

نشعر بالخوف عندما نكون مُهددين. يساعدنا ذلك على البحث عن مأوى أو على الهروب أو الفرار

يشير الحزن إلى الخسارة التي نعاني منها أو عانينا منها. يجب علينا أن نتوقف ونقدر ونحزن على هذه الخسارة قبل المضي قدماً

يخبرنا الاشمئزاز أن شيئاً ما ضار أو يسبب المرض أو غير صالح للأكل ويجب ألا نأكله أو نلمسه

والفرح يعني أن شيئاً ما يساعدنا وأن علينا أن نفعل ذلك مرة أخرى مثل تناول وجبة لذيذة أو لقاء الأصدقاء أو ممارسة هواية ما

من المفترض أن تؤمن المشاعر حياتنا وأن توضح لنا الاحتياجات التي يجب أن نعاينها بشكل أفضل (على سبيل المثال، الحماية والأمان أو امتلاك علاقات مع الأخرين). نظراً لأننا غالباً ما نمر بمشاعر غير سارة، فقد تعلم الكثير منا قمعها أو إلهاء أنفسنا عنها، غالباً دون أن نلاحظ ذلك. خاصة عندما مررنا بتجارب صعبة للغاية، يتم قمع المشاعر التي تأتي معها. تكمن المشكلة في ذلك في أنهم بعد فترة „يعومون مثل كرات كرة القدم المحبوسة تحت الماء“ وبعدها نشعر بالإرهاق الشديد. في حالة الاضرابات النفسية، فإن هذا يحد من عمل نظامنا العاطفي ويجعل من الصعب علينا استخدام عواطفنا لأنفسنا. إذا كنت تشعر بأنك تعاني من مشاعر سلبية لفترة طويلة، فعليك طلب المساعدة

مع ذلك، يمكننا فهم عواطفنا على أنها علامات واشارات. إنها تظهر لنا الاحتياجات، مثل الجوع والعطش وتساعدنا على توجيه سلوكنا نحو تلبية احتياجاتنا أو التواصل مع الآخرين. لذلك أنه لمن المفارقة أننا نتحدث عنها قليلاً على الرغم من أننا جميعاً نختبرها بشكل يومي. يمكن أن يساعدنا فهمها وقبولها والتحدث عنها في اتخاذ قرارات أفضل والتفاعل بشكل أفضل مع الآخرين. في نفس الوقت تبين لنا أنه بغض النظر عن المكان الذي أتينا منه، فنحن متشابهون للغاية في الداخل. أحياناً نكون حزينين، أحياناً سعداء، أحياناً خائفين، وأحيانا راضين

كَيْفَ وأَيْنَ يَحْصُلُ الْمَرْءُ عَلَى الْمُسَّاعَدَةِ فِي ألمانيا؟

صديقي …. ليس على ما يرام. هو يقضي الكثير من الوقت في السرير، يجبر نفسه على النهوض لتناول الإفطار ثم يعود إلى الفراش. إنه يشاهد الكثير من المسلسلات ويفكر في وضع عائلته ويصبح حزيناً جداً بسبب ذلك

بالنسبة لي، يبدو أنه يحتاج إلى مساعدة مختصة. لذلك أخذ على عاتقي البحث في غوغل لمعرفة ما يمكننا القيام به حيال ذلك. سرعان ما أدركت أن الأمر نفسه ينطبق على كثير من الناس، سواء أكانوا عرب أو ألمان أو روس. كجزء من بحثي، أتعلم أنه من وقت لآخر نواجه جميعاً تحديات في حياتنا تلقي بثقلها علينا. في وطننا ربما لذهبنا إلى إمام الجامع أو طبيب عام

لكن إلى أين يمكننا التوجه في ألمانيا للحصول على المساعدة؟

بالنسبة لي يبدو العنوان المناسب الأول هو طبيب أو ما يسمى بمركز الاستشارة النفسية والاجتماعية. هذه المراكز متاحة أيضاً بشكل خاص للاجئين والمهاجرين (عناوين). لذلك أتكلم بعدها على الهاتف مع صديق لي قد زار بالفعل مركز استشاري. أخبرني أن العاملة هناك تتحدث العربية. كانت لطيفة ومتعاطفة جداً، كما لو أنها استمعت بالفعل لكثير من الناس من قبل. في البداية كان من الصعب والغريب التحدث عن مثل هذه الأشياء الشخصية. لكنها أكدت له أنه يمكنه فقط أن يخبرها بما يريد التحدث عنه وأنه ليس مُجبر على قول أي شيء لا يرغب فيه. بعد قليلٍ من الوقت تحدث بالفعل عن بعض الأشياء التي كانت تزعجه

أفاد صديقي أن المحادثة ساعدته. لأول مرة شعر بالتفهم لمشاكله وأدرك أنه ليس وحده. يريد الآن أيضاً زيارة طبيب الأسرة لمناقشة الخطوات الإضافية

على غرار نزلة البرد أو كسر في الساق، يمكنك الذهاب إلى الطبيب في ألمانيا إذا كان لديك شعور بأن هناك شيئاً ما ليس على ما يرام في نفسك أو روحك (فكر في المنشور السابق على المدونة: علامات التحذير)، سيسألك طبيب الأسرة بعد ذلك عما تمر به وما إذا كنت تتصرف أو تشعر بشكل مختلف عن المعتاد، وهذا ما يسميه الأطباء أخذ تاريخ الحالة الطبية

واعتماداً على ما يستخلصه الطبيب من هذه السوابق (يمكنك دائماً أن تسأله عما يستنتج منه)، سيقدم لك توصية

إذا كان لديك ضعف أو ضائقة نفسية، مثل في حالة الاكتئاب أو القلق أو اضطراب التكيف، فسوف يوصي إما بزيارة معالج نفسي و / أو طبيب نفسي. الطبيب النفسي هو طبيب متخصص يمكنه وصف الأدوية. يمكن أن تكون هذه الأدوية خطوة أولى جيدة في العلاج لكثير من الناس بما أنها تخفف الألم العاطفي

ومع ذلك، لكي تصبح أكثر صحة مرة أخرى على المدى الطويل، فإن الأمر يستحق زيارة معالج نفسي. هؤلاء هم الأشخاص الذين لديهم الكثير من الخبرة حول حياة الإنسان والتحديات التي تجلبها هذه الحياة معها. يحاولون مع المريض تحديد أسباب المعاناة والمساعدة في السيطرة على التحديات

تعد الرعاية الصحية في ألمانيا جيدة جداً، لكن للأسف لا تزال فترات الانتظار طويلة جداً. ومع ذلك، يجدر بك العثور على معالج إذا كان لديك شعور بأنك تريد التحدث إلى خبير/ة

يمكن العثور على الكثير من المعلومات على الإنترنت، أيضاً بشكل مباشر للأشخاص الناطقين باللغة العربية والذين لديهم تجارب لجوء وهجرة هنا

تطبيقنا المجاني خطوة خطوة مناسب جداً لتقليل وقت الانتظار الطويل للحصول على الرعاية المناسبة، وذلك لأنه يساعد خطوة بخطوة على أن يصبح المرء أكثر استقراراً على الصعيد النفسي. لا تتردد في تجربته والرجاء مشاركة تجاربك والبحث عن المساعدة عندما تحتاجها

كَيْفَ تَعَرُّفُ أَنَّ هُنَاكَ شَيْئاً مَا لَيْسَ عَلَى مَا يُرَامُ عَلَى الصَّعِيدِ النَّفْسِيِّ؟

في منشور المدونة الخاص بنا الأول حول الصحة النفسية، حاولنا تعريف ماهية الصحة النفسية وأعطينا نظرة صغيرة على ما يعنيه عندما يختل توازن صحتنا النفسية

ولكن كيف يمكنك أن تعرف بالضبط أن هناك شيئاً ما غير صحيح؟

دعونا نتخيل السيناريو التالي من – لنقل من أحمد ….. لقد جاء إلى ألمانيا لأنه أراد أن يشعر بالأمان وأن يعيش حياة أفضل. هو يحب ألمانيا كثيراً لو لم يكن الجو بارداً في الشتاء. قد تعلم الألمانية، وبمساعدة أخصائي اجتماعي، شق طريقه عبر „غابة السلطات البيروقراطية“ حتى سُمح له بالفعل بأن يعمل الآن. هو تقني أسنان وقد قدم طلب عمل إلى العديد من الشركات. حتى الآن لم يتلق سوى الرفض. تدريجياً، بدأ أحمد يشعر بعدم الرضا والحزن، كما يفكر: ألست ذكياً بما يكفي؟ لماذا لا أجد وظيفة؟ ونتيجة لذلك، يشاهد الكثير من التليفزيون العربي، وبالكاد يتواصل مع أصدقائه ويقدم عدداً أقل من الطلبات عن ذي قبل. إنه يشعر بالحزن والغضب على نفسه لأنه أضاع وقته

مثال آخر هو حالة ريم. حصلت على وظيفة جديدة كمُعلمة. إنها تحب هذه الوظيفة، لكن الشيء الوحيد الذي تجده صعباً للغاية هو عندما تكون في الاجتماع مع المدرسين الآخرين، فإنها تشعر بالحر الشديد منذ البداية، وتبدأ بالتعرق وتتسارع أفكارها كما لو أنها في سباق. ريم لا تريد التحدث أمام الآخرين، فهي تخاف من ذلك. ماذا لو اخطئت لغوياً؟ ماذا لو ضحك الآخرون عليها؟ لذلك يحدث غالباً أنه قبل دورها مباشرة، تصبح ترغب في الذهاب إلى الحمام بسرعة. هذا التصرف يساعد في الوقت الحالي، ولكن فقط حتى الجلسة التالية

يوضح هذان المثالان أن هناك إشارات وعلامات عندما يكون هناك خطأ ما في أفكارنا ومشاعرنا وعواطفنا (أي نفسيتنا، كما تعلمنا في المرة السابقة).وغالباً ما لا يكون لهذا الأمر علاقة بـ „الجنون“ أو „الضعف“، حتى لو كان الكثيرون لا يزالون يعتقدون ذلك. إنه ليس عاراً أو شيئاً معيباً أيضاً عندما يكون لدينا مشاكل نفسية

يوجد الكثير من علامات التحذير النموذجية التي تشير إلى وجود عِلَّة أو مُشكلة نفسية، على سبيل المثال

١) يبدأ المرء بالابتعاد عن العائلة والأصدقاء لفترة طويلة ويعتقد أنه أفضل عندما يكون بمفرده، عند تواجده في مجموعات يشعر بالوحدة

٢) غالباً ما يشعر المرء بالذنب حيال هذا البعد

٣) يتجنب المرء مواقف أو أشخاصاً أو أماكن معينة لم يتجنبها من قبل

٤) يشعر المرء بمشاعر سلبية مثل الحزن أو الغضب أو الخوف أو العصبية على مدى عدة أسابيع

٥) يلهي المرء نفسه أو يصرف انتباه على مدى فترة طويلة من الوقت مع الإنترنت أو التلفزيون أو الكثير من الرياضة أو الطعام أو الكحول

٦) يصبح أقل تركيزاً أو أكثر حيرة من المعتاد أو يبدأ بنسيان الكثير من الأشياء

٧) ينام المرء لفترة قصيرة جداً أو أطول من المعتاد

٨) يأكل أكثر أو أقل من المعتاد

٩) على مدى فترة طويلة من الزمن، يصبح لديه أحاسيس وأعرض جسدية دون أي تفسير: تعرق، تسارع ضربات القلب، ألم في المعدة أو ألم في الجسم، ثقل كبير على الصدر، تشنج، إلخ

١٠) يلاحظ الآخرون تغيرات سلبية في سلوك المرء

عندما تظهر واحدة أو أكثر من هذه العلامات التحذيرية، فغالباً ما يكون السبب هو موقف أو وضع صعب جداً في الحياة (سواء أكان موجود في الماضِ أو لا يزال موجود في الحاضر). ربما هناك شخص ما تريد إخباره عنه، على سبيل المثال صديق أو صديقة. ولكن في ألمانيا، هناك أيضاً إمكانية الذهاب إلى الطبيب ومناقشة هذه العلامات التحذيرية معه. يمكنكما معاً التفكير في كيفية استعادة صحتك النفسية وتحسينها وما هي الاستراتيجيات اللازمة التي ستكون مفيدة لذلك. مجدداً، يعاني كل شخص من مشاكل نفسية من وقت لآخر. هذا ليس مُعيباً على الإطلاق. لكن من المهم معرفة كيفية التعامل مع مشاكلنا النفسية وكيفية الحصول على المساعدة. يمكنك أيضاً العثور على أماكن أخرى حيث يتم تقديم المساعدة في هذه الصفحة

…اعتني بنفسك وحتى المرة القادمة…

مَا هِي الصِّحَّةُ الْعَقْلِيَّةُ / النَّفْسِيَّةُ عُمُوماً؟

غالباً، نلاحظ وجود الصحة ونشعر بأهميتها عندما تغيب لبعض الوقت وذلك وفقاً للمثل الشعبي: „الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى“. أي شخص ذهب إلى الطبيب وكان مصاباً بنزلة برد أو سعال لديه فكرة جيدة عن معنى الصحة الجسدية. تعني الصحة بشكل عام أنه يمكننا تحريك أجزاء كبيرة من أجسامنا وأن أعضائنا وحواسنا تعمل بشكل صحيح. هذا يُمكننا بالقيام في أمور عديدة كالعمل والالتقاء بالعائلة والأصدقاء

لكن ما هي الصحة العقلية / النفسية إذن؟

نستخدم المصطلح „عقلي أو نفسي“ عندما نتحدث عن قدراتنا العقلية أو الفكرية، أي عندما نتحدث عن نَّفْسِنا أو نَّفْسِيتنا. بالنسبة للكثيرين، هذا موضوع لا يتحدث عنه المرء مع الجميع. لكن يمكننا أن نؤكد لكم أن كل شخص لديه نفسية. نحن نحتاجها حتى نتمكن من العيش في العالم، فهذا يشمل قدرتنا على التعلم (على سبيل المثال لغة جديدة أو قيادة السيارة)، للتواصل مع الآخرين، لفهم القواعد (مثل قواعد المرور) أو للتفكير في شيء ما في الماضِ أو التخطيط للمستقبل. بالطبع، تلعب المشاعر والعواطف مثل الفرح أو الحزن أو الخوف أو الرضا دوراً مهماً أيضاً. بواسطتهم يمكننا معرفة ما إذا كنا نشعر بخير (مثلاً، الفرح أو الرضا) أو بالسوء (مثلاً، الحزن). قدراتنا العقلية أو النفسية هي أذن أدوات تمكننا من التعامل مع محيطنا وفهمه بشكل أفضل، سواء كان ذلك في الحياة الخاصة أو في العمل

في يومنا هذا، يُعتقد أن الصحة العقلية هي جزء من الصحة البدنية لأن الجسم والعقل مترابطان مع بعضهما البعض. نحن أصحاء عقلياً أو نفسياً عندما نتمكن من استخدام قدراتنا النفسية في العمل أو في الحياة الخاصة بطريقة نشعر فيها عموماً بالارتياح والرضا. بالطبع لا يمكن للمرء أن يشعر بالرضا كل يوم، لكن عندما يجيب المرء على السؤال: ما مدى رضاك ​​العام الماضِ؟ بـ „كان كل شيء على ما يرام“ أو „في الواقع جيد جداً“ وكان يعني ذلك حقاً، يمكن اعتبار صحته العقلية على أنها جيدة

في الحياة، هناك دائماً تحديات وأحداث نشعر بعدها بسوء (مثل خسارة الوظيفة أو الجدال مع شخص ما). الأحداث الأكثر خطورة (مثل فقدان أحد أفراد الأسرة أو شخص مهم أو الاضطرار إلى مغادرة الوطن) يمكن أن تتسبب في معاناة صحتنا بشكل كبير. بالنسبة لبعض الناس، تؤدي مثل هذه الأحداث إلى مرض في النفس، مثلاً كالإنفلونزا. في هذه الحالة نطلق على هذا المرض اسم „اضطراب عقلي أو نفسي“. كل شخص يشعر بالحزن أو القلق أو الخمول في بعض الأحيان، ولكن إذا استمرت هذه الحالة لفترة زمنية طويلة، فإن الصحة العقلية تضعف مع الوقت. ومثلما يشعر الجسم بالضعف عندما يكون المرء مصاباً بالإنفلونزا حيث لا يمكنه المشي أو العمل بشكل جيد، مع مرض نفسي، فإن قدرتنا على التفكير أو الشعور أو التواصل مع الآخرين تصبح محدودة جزئياً. لسوء الحظ، هذا طبيعي تماماً

إذاً، يمكن القول بأن صحتنا العقلية „تتأرجح“ مثل صحتنا البدنية. في بعض الأحيان نشعر بالحيوية والسعادة، وأحياناً نحزن أو نجد صعوبة في التركيز. إذا كنا نشعر بالضعف والإرهاق النفسي لفترة طويلة، فعلينا – تماماً كما هو الحال مع المرض الجسدي، أن نذهب إلى الطبيب ونرى ما هي الاحتمالات المتاحة لاستعادة صحتنا العقلية وتحسينها. لأن هناك الكثير من الخيارات

…سنكتب عن ذلك في المرة القادمة…