مَا هو العِلَاجُ النَفْسيِّ؟ الجِزءُ الثَالِث

يمكنكم سماع النص المكتوب إذا كنتم لا ترغبون في القراءة

مَرحَباً أَعِزاءِي،

إِنَهُ أَنَّا مَرةً أُخرى، عَلي. اليَّومُ أُريِّدُ أَنْ أُخبِرُكُم شَخصِياً بِمَا تَعلَّمْتُهُ وما فَهمْتُه فِي العِلَاجِ النَفْسيّ. يُحِبُ الكَثيِرونَ التَفكيرَ فِي أَقوالٍ مُعيِّنةِ عِنْدَّمَا يَتعلقُ الأَمرُ بِالعِلَاجِ النَفْسيِّ، مِثلُ „لَا تَحزَنْ“، „فَكرْ بِإيجَابيِّة“، „خُذْ نَفَسَّاً عَميِّقاً وَبَعدَ ذَلِكَ سَيَّكونُ كُلُ شَيء أَفضل“. وَهَذا يُقَيِّدُ العِلاَجَ النَفْسيِّ. فِيِّمَا يَتَعَلَقُ بِذَلك، أَوَّدُ أَنْ أَقوّلَ بِأَنَ مِثلُ هَذِهُ الأَقَوالِ لَها تَأثيرٌ بِالفِعّل. جَرِبوا تَمرين التَنفس ثُمَ أَخبِروني بَعدَ ذَلِكَ كَيِّفَ شَعرَتْم

ربما سَمِعتَم عَنِ الدَواءِ الوَهمِّي مِنْ قَبلْ. الدَواءُ الوَهمِّي هو دَواءٌ لَا يَحتَويِّ عَلى أَيِّ مَادَةٍ فَعالَّةٍ وبِالتَاليِّ لَيِّسَ لَهُ تَأثيِّر جَسديِّ. يَتِمُ اِستِخدَامُهُ فِي التَجارُبِ لِاختِبَارِ فَعاليةِ عَقارٍ آخرٍ. الفِكرةُ وَراءَ ذَلِكَ هِي أَنَ المَرء يُريِّدُ أَنْ يَعتقدَ بَعضَ النَاسِ أَنَهُم قَدْ تَناوَلوا عَقاراً، بِما أنَ ذلكَ يَخدِمُ أِغَراضٍ عَلميِّةَ

عندَ اِستِخدامِ الدَواءِ الوَهمِّي في المَراتِ الأولى، صَادَفَ أَحدَهم اِكتَشافاً مُثيِّراً لِلاِهتِمَامِ. حَيثُ أَفادَ بَعضُ الأَشخَاصِ الَذيِّنَ (عَلى الرُغمِ مِنْ أَنَهُم لَمْ يَتَناوَلوا أَيّ دَواءٍ حَقيِّقيّ) تَناوَلوا الدَواءِ الوَهمِّي أَنَ أَعرَاضَهُم تَحسَنَتْ 

قَدْ يَعتَقِدُ البَعضُ بأَنَهُ شَيءٌ مُستَحيِّل. وَمع ذَلِكْ، هَذا صَحيِّح. وَهذا يُّشيِّرُ إِلى مَيزةِ دِمَاغِنَا. دِمَاغُنَا رَائِعٌ وِلَهُ نِظَامٌ مُعَقد، لَكِنْ يَّبدِو أَنَهُ يُمكِنُ التَلاعُبُ بِهِ أَو التَحكُمِ فِيِّهِ، تَأثيِّرُ الدَواءِ الوَهمِّي هو دَليِّلٌ عَلى ذلك. اِعتَقدَ هَؤلاءُ الأَشخَاصِ أَنَّهُم كَانْوا يَّتَناوَلونَ عقاراً حَقيِّقياً وذَلِكَ جَعلهُم يَشعُرونَ بِتَحسنْ

شيءٌ مُثيرٌ للاِهتِمام، أَليِّسَ كَذَلِك؟ إذاً، كُلُ الذي عَليَّ القِيامُ بهِ هو أَنْ أُصدِّقَ أَنَني بِخيرٍ وبَعد ذَلِكَ سَأشعُرُ بِتَحسن، أَليِّسَ كَذلِكَ؟ نَعم ولا، لَم أَقُل أَنَ أَدمِغَتَنا غَبيِّةَ، لَكنْ يُمكِنُنَا السيِّطرةَ عَليِّها جِزئياً، وَلَكِنْ بِطَريِّقةٍ مَنْطِقيِّةٍ

هَذا مَا يَعتَمِدُ عَليِّهِ العِلَاجُ النَفْسيِّ. يَتَعامَلُ العِلَاجُ النَفْسيِّ مَع هَذِا خُطوةٍ بِخطوةَ، رُبَما لِهذا السَببُ يَّستَغرِقُ أَحيِّاناً وَقتاً طَويِّلاً

الخُطوةُ الأولى الَتي يَجبُ اِتِخاذُهَا هِيَّ التَثقِيِّفِ النَفْسيِّ أو ما يُسمىَ بالتَربيِّةِ النَفْسيِّة. فَكَمَا يوحيِّ الاِسم، يَتعَلَقُ الأَمرُ بِفَهمِ النَفْسِ والشَكاوى. إِنَهُ مَبدأٌ بَسيِطٌ تَعملُ عَليِّهِ حَياتِنَا. لَا يُمكنُنِي العَملُ بِفَعاليِّةٍ عَلى شَيء مَا إِلا إذَّا كُنتُ أَعرفُ كَيِّفَ يَعملْ هَذا الشيء

لِذَلِكَ، أَولاً وَقبلَ كُلِ شَيء، يَشرحُ العِلَاجُ النَفْسِّي كَيِّفَيةَ نِشوءِ اِضطِرَابُ الاِكتِئَابِ أَو اِضطِرَابُ القَلقِ واِستِمرارِهم في العادة. يَتعلمُ المرء كيفَ تترابَطُ الأفكارُ والعَواطِفُ والسُلوكُ مع بَعضِها البعضْ وكيفَ يُمكنُ أن يؤديِ الجَمع غير المُواتي منها إلى مَشاكلٍ وشَكاوى

رُبَمَا يُمكِنُكم تَخيِّلَ شَيء مَا تَحتَ كُلٍ مِنْ هَذهِ المُكَوِنَاتِ الثَلاثَةِ. التَحديِ فِي العِلَاجِ النَفْسِّي هو فَهمُ تَفَاعُلِ هَذهِ المُكَوِنَاتِ ثُمَ السَيِّطَرَةُ عَليِّهَا. وَمِنْ ثُمَ، مِنَ المُهمِ فَهمُ وإِدراكُ مَاهيِّةِ المُشكِلَةِ بِالضَبطِ، وَمَا الَذيِ يُسبِبُهَا، وَكيِّفَ تَبقىَ المُشكلةُ مُستَمرة. عِنْدَها فَقطْ يُمكِنُكم حَلُهَا بِشَكلٍ أَفْضَلٍ وأَكثَرُ فَعاليِّةٍ

لِذَا، فَإِنَ التَربيِّةَ النَفْسيِّةَ هي جِزءاً لَا غِنَى عَنْهُ مِنْ العِلَاجِ النَفْسِّي! كَمَا ذَكرّنَا فِي المَنشورِ الأَخيِّرِ، هُنَاكَ أَيِّضاً تِقَنِيَاتٍ مُعيِّنةٍ تَعتَمِدُ عَلى الاِضطِرَابِ والمُشكِلةِ المُعَيَنين. بَينَمَا يُوجدُ لِلاكتِئابِ تِقَنِيَاتٍ مِثلُ تَنشيِّطِ السُّلوكِ أَو إِعادَةُ الهَيكلةِ الفِكرية، يَقومُ المَرءُ بِالكَثيِّرِ مِنْ العِلَاجِ بِالتَعرُضِ والكَشفِ لِاضِطَرابَاتٍ مِثلُ اِضطِرَابَاتِ القَلقِ. سَنُغَطِي بَعضَ هَذهِ الأَساليِّبِ فِي المِقالاتِ القَادِمَةَ

!إِلى اللِّقاءِ

مَا هو العِلَاجُ النَفْسيِّ؟ الجِزءُ الثاني

يمكنكم سماع النص المكتوب إذا كنتم لا ترغبون في القراءة

هَلْ مَازِلْتُم تَذكُرونَ عَليّ؟ لَقدْ بَدأَ العَلاجَ وذَلِكَ لِتَعلمِ كَيفيَّةِ التَعامُلِ بِشكلٍ أَفضَلٍ مَعَ تَقلُبَاتِ مَزاجهِ واِضطِرَابَاتِ النَومِ والحُزنِ. في هذهِ الأَثناء، ذَهبَ إِلى العِلَاجِ عِدةَ مَراتٍ وَلاحَظَ في حَياتِهِ اليَوميِّةَ بِأَنَهُ يَمرُ أَحياناً بِلَحَظاتٍ جَيدةٍ، حَتى وإِن كَانَ لا يَزالُ حَزِيناً لِلغايةِ

بِسبَبِ أَسئلَةِ المُعالِجة المُحددةِ، تَمَ تَشخِيِّصُ عَليِّ بِأَنَهُ مُصابٌ بِالاِكتِئَابِ. فِي الخُطوةِ التَاليِّةَ، شَرحَت المُعالِجة الكَثيِّرَ عَن مَرضِ الروحِ هَذا وأَيِّضاً كَيفيةُ عَمَلِ الروحِ والعقل والجَسدِ فِي الوَاقع. تَعلمَ عَليّ العَديِّدَ مِنَ الأَشياءِ الجَديِّدةِ فِي هَذهِ العَمليةِ. عَلى سَبيلِ المِثالِ، مَا مَدى أَهميِّةُ العَواطِفِ والأَفكارِ وَمَدى تَأثِيرهَا عَلى صَحتِك. أَطلَعتهُ المُعالِجة عَلى تَمارينٍ بَسيِّطَةٍ، كَيفَ يُمكِنُه أَنْ يَهدأَ فِي المَواقِفِ الصَعبَةِ. وَجدواً أَيضاً أَنشِطَةً بَسيِّطَةً مَعاً، مِثلُ الذَهابِ فِي نُزهَةِ عَلى الأَقدَامِ أَو مُقابَلةِ الأَصدِقَاءِ، والَتي يُمكنُ أَنْ يَقومُ بِها عَليّ بِمُفرَدهِ لِتَحسيِّنِ مَزاجِهِ. لَقدْ أَدركَ أَكثرَ فَأكثرْ أَنَ العِلَاجَ النَفْسِّي لَيِّسَ مُجرَدُ خِداعٍ، ولَكنَهُ فُرصةٍ لِتَعلُمِ شيء عَن نَفسِكَ وَروحِكَ وَصِحتِكَ. أَصبحَ عَليّ وَمُعَالَجتِه النَفْسيِّةَ فَريِّقاً جَيِّداً

بَعدَ التَعرفِ عَلى بَعضِنَا البَعض وتَشخيصْ الحالة المَرَضية، تَستَمِرُ المُنَاقَشاتُ المُتَبادَلُةُ فِي العِلاجِ النَفْسِّي. هُناكَ أَيضاً تَمارِينٌ يَتَعلمُها المَريِّضُ مَع مُعالجٍ أَو بِدونِهِ مِنْ أَجلِ فِعلِ شَيء جَيدٍ لِروحِهِ

بعدَ ذلكْ يُناقِشُ كِلَاهُمَا مَعاً مَا كَانَ جَيِّداً أو أَقل جودةَ فِي التَماريِنِ المَنزِليِّةَ وأَينَ يَنبَغِي أَنْ تَذهَبَ هَذهِ الرِحلةُ. يَجبُ عَلى المَريِّضِـ/ـةِ أَنْ يُلاحِظَ بِأَنَ هو/هي يُمكِنُ القِيِّامُ بِشيء بِنَفْسهِـ/ـا وذَلِك لِكي يَكونَ أَو تَكونَ بِحالٍ أَفضَلٍ. يُمكِنُ له/ لها أَن يحررَ أو تُحرر نَفسهُـ/ـا تَدريجياً مِنَ الماضي ويُطورَ أو تُطور أَفكاراً وأَهدَافاً جَديدةً لِحَاضِرهِـ/ـا ومُستَقبَلِهِـ/ـا

قَد تَتَساءَلون: مَا هِي أَهدافُ المَريِّضِ وَرَغَباتِهِ؟ فِي بَعضِ الأَحيَّانِ يَكونُ أَمراً عَمليِّاً جداً. „أُرِيدُ أَنْ أَجِدَ وَظيفةً أَو أَنْ يَكونَ لَديَّ المَزيدُ مِن وَقتِ الفَراغِ.“ وفِي بَعضِ الأَحيَّانِ يَكونُ الأَمرُ أَكثرَ خُصوصِيَّةً. „أُريدُ أَنْ أَشعرَ بِالأَمانِ مَرَّةً أُخرَى أَو أَنْ أَتَعامَل مَع عَائلَتي.“ غَالِباً مَا يَتَعلَقُ الأَمرُ بِالخَسائرِ أَيِّضاً. قد توفيَ شخصٌ قريب، فَقدَ المريضُ وظيفته أو حتى وَطنه بأكمله. ثُمَ يَتَعلَقُ الأَمرُ بِالنَظَرِ فِي كَيفيِّةَ تَعلُمِ المَريِّضِ التَعامُلِ مَع هَذِهِ الخَسارةِ والمُشارَكَةِ فِي الحَيَّاةِ مَرةً أُخرَى

مِن نَاحيةٍ أُخرى، هُنَاكَ الكَثيِّرُ مِنَ التَبادُلِ فِي العِلَاجِ النَفْسِّي حَولَ مَا يُحرك المَريضُـ/ـة، ولَكن قَبل كل شيء فإنَ فَهمَ وتَعلُمَ الكَثيرَ عَنِ الذَاتِ، لَيِّسَ بِالأَمرِ السهلِ دائماً. يَواجه المريضـ/ـة رَغباتهِ وأَحلامهِ الخَاصةَ، ولَكنْ أَيِّضاً يواجِهُ خَسائرَهُ وإِخفَاقَاتُه، وَأفَكارَهُ ومَشاعِرَهُ وسُّلوكَهُ الخَاص. لِهذَا السَبَبْ مِنَ المُهمِ أَنْ يَكونَ مَعكَ خُبَراءٌ تَثِقُ بِهمْ لا يَحكُمونَ عَليّكْ

أَخيِّراً، يُساعِدُ المُعَالِجُ المَريِّضَ مِنْ خِلالِ التَماريِّنِ والمُنَاقَشاتِ والتِقَنِيَاتِ الخَاصَّةِ لِلحُصولِ عَلى وِجهَاتِ نَظرٍ جَديِّدَةٍ حَولَ الوَضعِ الحَاليّ. بِالإِضَافَةِ إِلى ذَلِكَ، فَهُمْ يَعمَلونَ معاً لِإيجَادِ طُرُقٍ لِتَنفِيِّذِ أَهدافِ المَريِّضِ وَرَغَباتِهِ. يَقومُ المُعالِجُ بِدَعمِ المَريِّضِ إِذَا كَانَ لَا يَزالُ يَتَعيَّنُ عَليِّهِ تَعلمِ شَيء مَا. المُعالجُ لَا يَحُلَ مَشاكلَ المَريِّضِ، بَلْ يُسَاعِدُهُ عَلى تَعلمِ سُلوكيَّاتٍ جَديِّدَةٍ لِلتَغلُبِ عَلى المَشاكِلِ بِنَفْسِّهِ أَو بِمُسَاعَدَةِ الأَصدِقاءِ والعَائلَةِ

أَجرى عَليّ الآن ١٦سَاعةِ مِنَ العِلَاجِ النَفْسيِّ. لَقدْ تَخيِّلَ أَنْ الأَمرَ مُختَلِف تَماماً عَمْا كَانَ عَليِّهِ مِنْ قَبلْ. تَطرحُ المُعالجة أَحيِّاناً أَسئلةً مُثيرةً لِلاهتِمامِ، وأَحياناً تُشجعُ عَليّ عَلى القيامِ بتمرينٍ ما. يَبكي عَلي بَينَ الحينِ والآخر أَثناءَ القِيَامِ بِهَذهِ التَمارين، ولَكنَ هَذا على ما يرام. لَديِّهِ شُعورٌ بِأَنَهُ يَستَطيِّعُ القِيَامَ بِذَلِكَ فِي العِلَاجِ. يَتَعرفُ بِشَكلٍ أَساسي عَلى نَفْسِهِ بِشَكلٍ أَفضلَ وَقَد قَامَ بِالفعلِ بِالتَدريِّبِ على أَساليِّبٍ ِللتَعامُلِ مَع حُزنِهِ. إِنَهُ الآنَ يُخبِرُ أَصدِقَاءهُ فِي كَثيِّرٍ مِنَ الأَحيانِ بِمَا يَشعُرهُ حَقاً، ومُعظَمُهم يَقومون بالإخبارِ عَنما يُثيِّرُ قَلَقُهم. إِنَهُ يَشعرُ أَنَ صَداقاتُهُ أَصبَحَتْ أَقربْ. بِالإضَافَةِ إِلى ذَلِكَ، يَكتُبُ فِي كِتابٍ صَغيِّرٍ فِي المَساءِ الأَشياءَ الجَيِّدَةً الَتي مَرَ بِهَا فِي ذَلِكَ اليَّومْ، لِذَلِكَ يَشعُرُ أَحيَّاناً بِالِامتِنَانِ وَبِحافزٍ أَكبرْ فِي صَباحِ اليَّومِ التَالي

فِي المَرَّةِ القَادِمَةِ سَيُّخبِرُكُم عَليّ بِنَفْسِّهِ عَنْ تَجرُبَتِهِ مَعَ العِلَاجِ النَفْسيِّ

 نَحْنُ نَتَطَّلعُ لرؤيتكمْ جميعاً

مَا هو العِلَاجُ النَفْسيِّ؟ الجِزءُ الأول

يمكنكم سماع النص المكتوب إذا كنتم لا ترغبون في القراءة

عَليّ ليِّسَ مُتَأكِداً. لَمْ يَشعرَ بِأَنَهُ عَلى مَا يُرام مُنْذُ بِضعَةِ أَسابيعٍ حَتى الآنْ، فَهوَ مُتعَبٌ وغَيِّرُ مُتَحمسٌ ومعَ هَذا بِالكادِ يَستَطيعُ أَنْ يَنامَ ليِّلاً. قَد قامَ بزيَارةِ طَبِيبِتهِ العَامة الَذي نَصَحَتهُ بِمُرَاجَعةِ مُعالجةٍ نَفْسِّية. قَالتْ: „اِمرأةَ وَدودةَ لِلغايِّةِ“. لَكنَ عَلي لَا يَعرفُ حَقاً مَا هو العِلاجُ النَفْسي. لَديهِ أَفكارٌ فِي رَأسهِ. إنه يخشى أن يُجبر على الإفصاحِ عن أسرارِ نَفسيته بِشكلٍ كامل. إِنَهُ يَخشى أَنْ يَكونَ شَخصاً مُختَلِفاً بَعدَ ذَلكَ أَو أَنَهُ سَيتعاطى الكَثيرَ مِنَ الأَدويِّةَ. عَلاوةَ عَلى ذَلِك، لَا يَكادُ يَتخيلُ أَنَ هَذهِ المرأةُ يُمكنُهَا فَهمهُ. فَهي لَمْ تَختَبِرَ مَا اختَبرَهُ بِنَفْسِّهِ

كَثيرٌ مِنَ النْاسِ مِثلُ عَلِّي. لَيِّسَ فَقط الأَشخاص مِنْ ذَويِّ أُصولٍ عَرَبيَّة، وَلَكِنْ الأَلمان أَيِّضاً يُمكِنْهُم فِي كَثيرٍ مِنَ الأَحيانِ تَخيُلَ القَليِلِ مِن العِلاجِ النَفْسيِّ

لِهَذا السَّبَبْ نُريدُ أَنْ نُحاولَ هُنَا وَصفَ مَا يَفعَلُهُ المُعَالِجونَ النَفْسِّيون. العِلاجُ النَفْسيِّ يَّعنِي „عِلاجُ الروحِ“ ولِذَلِكَ فَهوَ وَسيلةُ شِفاءٍ لِلروحِ المُصابَةِ. تَماماً كَمَا تُعالَجُ سَاقاً مُصابَةً عِنْدَ الطَبيبِ أَو سنِاً مَريضةً عِندَ طَبيبِ الأَسنَانِ، كَذلِكَ يَتمُ عِلاجُ الجُروحِ فِي الروحِ أَو النَفسْ فِي العِلاَجِ النَفْسيِّ. بِالنِسبَةِ لِمُعظَمِ النَاسِ، تَظهَرُ الجُروحُ فِي النَفسِ كَأَعراضٍ. وتَشمَلُ هَذهِ، عَلى سَبيِّلِ المِثَالِ، المَزاجُ المُكتَئبُ المُستمرُ، والتَوتُرُ، والقَليِلُ مِنَ الشعورِ بالفَرحِ، والخَوفُ الشَّديِّدُ أَو الغَضب، والكَوابيِّسُ أَو قلةُ النَومِ أَو حتى كَثرَّةُ النَومِ. ومَع ذَلِك، يُمكنُ أَنْ تَحدُثَ أيِّضاً أَعراضٌ جَسَديِّةٌ مِثلُ فُقدَانِ الشهيةِ وآلاَمٌ فِي المَعِدَةِ أَو الصُدَاع. تَظهَرُ الأَعراضُ أيِّضاً فِي النِزاعاتِ المُستَمرةِ مَع الأشخاصِ أَو الاِنْسِحَابِ مِنَ العائلَةِ والأَصدقَاءِ. يُمكنُ أَنْ تُشيرَ هَذهِ الأَعراضُ إِلى أَنَ الروحَ بِحاجَةٍ إِلى العِلاجِ

لَكنْ كَيِّفَ يُعالج المَرءُ الروحَ؟ مَاذا يَحدُثُ إذاً في العِلَاجِ النَفْسي؟ 

هُناكَ طُرقٌ مُختلفةٌ لِلعلاجِ، تَماماً كَمَا تُوجدُ عِلاجَاتٌ مُختَلِفَةٌ لِلأَمراضِ الجَسديِّةَ. ومَع ذَلك، تَهدفُ جَميعُ الأَساليبُ إِلى تَحديدِ سَبَبِ الأَعراضِ وإِيجَادِ طُرقٍ لِلتَعامُلِ مَعهَا. فَي أَفضَلِ الأَحوالِ، تَتمُ مُعالجةُ هَذهِ الأعراض أَو الشكاوى بِطرِّيقَةٍ تُخفف من الضَائقة الناجمةُ عن هذهِ الأعراض

يَستطيعُ المَرء أن يَتَخيِّلَ العَلاجَ النَفسِّي عَلى أَنهُ رِحلةٌ جَماعيةٌ. المَريضُـ/ـة يَكون المُسافِر والمُعالجُـ/ـة يَكون المُرافِق. تُحاوِلاَنِ مَعاً مَعرِفَةَ ووصفِ حَالةَ المَريض الآن، أَيّ الظُروفُ المُهمةُ فِي حَياةِ المَريِّضِـ/ـة حَالياً. ثُم تُحاوِلا كِلاكُما مَعاً اِكتِشَافِ سَبَبِ كَوّن السَفر شَاقاً جِداً أَو صَعباً (أَي المَشاكلُ والاضطراباتُ النفسية التي تنشأ) وأخيراً تَبحثانِ معاً عن طرق جديدة للمكان الذي يجب أن تذهب إليه الرحلة وكيفية الوصول إلى هناك

فِي بِدايِّةِ كُلِ عِلاج، سَتَتَعَرَفانِ أَولاً عَلى بَعضِكُمَا البَعضْ. لِأَنَ لِكُلِ مَريِّضٍـ/ـةٍ الحَقُ فِي اِختِيَارِ المُعالجِـ/ـةِ بِحريةٍ تامَّة. لِمِثلِ هَذهِ الرِّحلَة تَحتَاجُ إِلى عَلاقةٍ جَديِّرةٍ بِالثِّقةِ بَينَ الجَانِبَينِ. حَيث يَكمُنُ فِي هَذا أَهميِّةٌ كبيرةٌ. وَرُبَما تَعرفُ بأَنَ: الطَبيبُ التقليدي يَأُخذُ وَقتاً قَصيراً جِداً مِنْ أَجلِكَ، وَلا يَسألُ حَقاً عَمَّا تُريدُهُ وعندما تَخرجُ منَ العيادةِ تَشعرُ وكَأنَكَ لا تُرى بِشكلٍ صَحيحٍ. ولَكنَ هُنَاكَ مُتَسعٌ كَبيرٌ لَكَ فِي العِلَاجِ النَفْسِّي. وهَذا مُهمٌ جِداً. يُحدَدُ المَريِضُ مَا يَقولهُ، عِندما يُسردُ عما يشغَلهُ، وإِلى أَيِّنَ يَجبُ أَنْ تَذهبَ الرِّحلَة وبَأيِّ سُرعَةٍ سَتَمْضِي. لِأَنَ شِفَاءَ الرَوحِ يَستَغرِقُ وَقتاً!

بِمناسبةِ الحديثِ عن السردِ والوقت. يَتمُ التحدث كَثيراً فِي مُعظمِ أَشكَالِ العِلَاجِ. خَاصةً فِي البِدَايةِ، يُريدُ المُعالجُـ/ـةُ التَعرُّفَ عَلى المَريضِ وأَنْ يَسألَ المَريض عَن كُلِ شَيء: العَملْ والأصدقاءْ والأُسرَّة والهِوايَّاتْ وما المهم بِالنِسبَةِ لَكَ وَما الَذي تَجدهُ صَعباً وكَيِّفَ نَشأَتْ. يُخبرُ المَريضُ إذاً مِنْ حَياتِهِ. يَنطبَقُ عَلى مَا يَلي: يَجبُ أَلا يُخبرَ المُعالجَ أَحداً بِمَا قَالهُ المَريِّضُ. لِذَا يُمكِنُكَ التَحدُثَ بِحُريِّةٍ أَكثرَ عَنِ المَوضوعَاتِ غَيرِ السَّارَّةِ. فِي السَاعاتِ الأولى، إِذَا جَازَ التَعبير، يَتمُ النَظرُ إِلى الخَريِّطةِ معاً

بِالإِضافَةِ إِلى أَنَ المَرءَ يَلتَقي بِالمُعالجِ بِانتِظَامٍ، عَادةً مَرةً وَاحِدَةً فِي الأُسبوعِ. فِي ألَمانيا، يُسمحُ فَقط بِعلاجِ المَرضى الَذيِّنَ يُعانونَ مِن مَرضٍ نفسي مِثلُ الاِكتِئابِ أَو اِضطِرَابِ القَلقِ أَو اِضطِرَابِ الحزنِ المُستمر. وهَذا يَعني أَنَهُ بَعدَ ثَلاثِ أَو أَربَع اِجتِمَاعَاتٍ يَتمُ فِيِّهَا مُنَاقَشةُ الظُروفِ المَعيِّشيةِ والأَعراضِ، يَتمُ إِجرَاءُ مَا يُسَّمْى بِالتَشخيصِ. هَذا يُشبِهُ عِندما يُشخصُ الطَبيبُ العام الأِنفلونزا أَو التواَءِ الكَاحِل. هَذا يَّعنِي أَيضاً أَنْ إِصاباتِ الروحِ تُعتَبرُ مَرضاً طَبيعياً تَماماً

يَقومُ المُعالجُـ/ـة بَعدَ ذَلِكَ بِتَقديِّمِ طَلبٍ (أَي، ليسَ عليكَ القيامُ بذلكَ بنفسك). يُقررُ هو/ هي عَددَ سَاعَاتِ العَلاجِ المَنطِقيَةِ. هُناكَ عِلاجَاتٌ قَصيِّرةٌ تَتَراوَحُ مِنْ ١٢ إلى ٢٤ سَاعةِ وَعِلاجَاتٌ طَويِّلَةٌ لِمُدَةِ ٦٠ سَاعةِ أو أكثر. عَادَةً مَا تَدفَعُ شَرِكَةُ التَأميِّنِ الصِحِّي هَذِهِ التَكاليِّف، ولِهَذا السَبَبْ لا يَجبُ دَفعُ تَكاليِّفِ العِلاجِ إلا مِنْ قِبَلِ مُعالِجيِّن مِنَ القِطَاعِ الخَاص.

بَالفعلِ لَقدْ تَحدثَ عَلي كَثيِّراً فِي السَاعَاتِ القَليِّلةِ الأولى وسَألتهُ المُعالجُة كَثيراً. كَانَ ذَلِكَ غَريباً بَعضَ الشَّيءِ فِي البِدايةِ، لَكنْهُ شَعرَ بِتَحسُنٍ عَنْدَمَا بَدأَ بِإِخبَارِ المَزيدِ والمَزيدِ عَن تَجارُبِهِ الصَعبةِ مُنذُ وصولِهِ إِلى أَلمانيا. شَعرَ بِأنَهُ يُفهَم. لَكنْ عِنْدَمَا سَأَلَتهُ المُعالجة عنْ الأَحداثِ فِي وَطنْهِ، شَعرَ بِالحُزنِ وَلَمْ يَستَطِعْ التَحَدُثَ عن ذلك. أَخبر مُعالجتهُ التي كانت متفهمة للغاية وقالت بِأَنَهُ يَجبُ عَليه فَقط أَن يَقولَ مَا يُريد أَو ما يَستطيعُ أَنْ يَقول. كَانَ ذَلِكَ مَصدرَ اِرتِيَاحٍ كَبيرٍ لِعَليِّ. أَدرَكَ مَدى حُزنِهِ لِفُقدَانِ وَطَنِهِ. قَالت مُعالِجَتُهُ أَنَهُ يُعانِي مِن الاِكتِئَابِ، مُثلُ حَوالي ١٠٪ مِنْ جَميعِ النَاسِ فِي أَلمانيا. إِنَهُ مُتَحَمِسٌ لِرؤيَةِ كَيفَ سَتَسِيِّرُ الأُمورُ وسَيخبرنا بِالمَزيِّدِ فِي الأَسَابِيِّعِ القَلِيلَةِ القَادِمةِ….

إِلى اللِّقاءِ القَادِمِ، أَعِزَائي