عامٌ جَديد، قَراراتٌ جَديدة!

يمكنكم سماع النص المكتوب إذا كنتم لا ترغبون في القراءة

لا يصدق كيف يمر الوقت بسرعة. لقد وصلنا بالفعل إلى عام ٢٠٢٢. معظمنا متواجد هنا في ألمانيا منذ ٦ أو ٧ سنوات، ولكن لا زلنا نشعر وكأننا وصلنا مؤخراً هنا

الأول من يناير هو تاريخٌ مميز، ليس فقط لأنه يصادف عيد ميلاد الكثير منا، ولكن لأنه يعني بداية جديدة للكثيرين. هذه البداية الجديدة تذكرنا بالتغيير. الكل يريد تغيير شيء ما. الأول من يناير يبدو أنه مناسب لهذا المسعى. سيكون من الصعب لو كان هذا التاريخ هو التاسع والعشرون من فبراير

إذا كنتم مُدخنين، فلا بد أنكم فكرتم في حقيقة أنه بدءاً من الأول من يناير سوف تقلعون عن التدخين وبدلاً من ذلك ستذهبون إلى نادي الرياضة بانتظام أو سوف تبدئون الجري كل يوم. نحن نتخذ الكثير، ليس فقط القرارات الصحية، ولكن أيضاً قرارات اجتماعية ومهنية، إلخ

أرغب في إعادة التواصل مع أصدقائي القدامى، أود أن أتقن اللغة الجديدة أخيراً حتى أتمكن من إجراء تدريبي أو دراستي أو عملي

والعديد من القرارات الأخرى التي يا للأسف لا ينجح الكثيرون في تنفيذها

لماذا لا ننجح غالباً في تنفيذ قراراتنا في الواقع؟ هناك العديد من الأسباب الفردية لذلك. في بعض الأحيان تكون قراراتنا غير واقعية بمعنى أننا نغمر أنفسنا بها بحيث يتعين علينا بعد فترة التخلي عنها

أحياناً نخلط بين الدافع والنية. في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر، يريد شخص ما أن يبدأ من الأول من يناير بالتوقف عن التدخين. بعد منتصف الليل بقليل يشعل السيجارة الأولى. ليس فقط يمكن أن يكون هذا بسبب الخلط بين الدافع والنية، ولكن أيضاً بسبب أن المرء ليس جاهزاً بعد على المستوى الذهني

من الناحية النظرية، يمكن أن يأخذ شخص ما قراراً لتغيير سلوك ما لديه. لكن على هذا الشخص أن يُحضر نفسه نفسياً لذلك

أرغبُ في اجتياز اختبار اللغة هذا العام، سأذهب إلى دورة اللغة بانتظام وأدرس كل يوم. قد يكون هذا القرار صعباً، ولكن يمكن النجاح في تنفيذه بسبب تقسيمه إلى خطوات واضحة

المشكلة هي عدم مقدرتي في متابعة تنفيذ قراري. أفقد الحافز بسرعة، لا أشعر برغبة في الذهاب إلى الدورة، أشعر بمزاج سيء. نتيجة لذلك، لا يمكنني المضي في قراري. ثم يبدأُ توبيخ الذات

مبدأ البناء معقول للغاية وبسيط. بادئ ذي بدء، يجب أن يكون لديك أساس متين حتى تتمكن من مواصلة البناء. أعتقد أننا كبشر نعمل أيضاً على نفس المبدأ

كيف يمكنني إجراء اختبار اللغة أو الامتحان أو البحث عن وظيفة أو مقابلة العمل أو الاعتناء بعلاقاتي الاجتماعية إذا لم يكن الأساس „صحتي النفسية“ الخاص بي متينٌ ومستقرٌ بعد؟

لذلك، يجب أن يكون القرار الأول لعام ٢٠٢٢ هو صحتنا النفسية. كل شيء آخر سيتبع بلا شك، وبعد ذلك فإن الأمر مجرد مسألة وقت

النَّرْجِسيِّةَ

يمكنكم سماع النص المكتوب إذا كنتم لا ترغبون في القراءة

عِنْدَّمَا نَتَحدثُ عَنِ النَّرْجِسيِّةِ، لَا يُمْكِنُنَا تَجَنُّبُ الْأَسَاطيرِ الْيُونَانِيَّةِ. يَتِمُّ سَرْدُ قِصَّة نَرْجِس فِي تَحَوُّلَاتِ أوفيد. هُوَ شَابٌّ يَرْفِضُ حُبَ الآخَريِن. لَا يُوجَدُ أَحدٌ جَيِّدٌ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ. ذَاتَ يَومٌ، كَانَ يَسيِرُ فِي الطَّبِيعَةِ وَإِذَا بِهِ بِالْقُربِ مِنْ بِركَةٍ ثَابِتَةٍ. يَنْظُرُ إِلَى الْبِركَةِ وَيَرَى نَفْسُهُ. كَانَ مَسروراً جِدَاً بِتَأَمُلِهِ فِي اِنعِكَاسِ صوَرَتِهِ فِي الْمَاءِ لِدَرجَةٍ أَنَهُ يَقَعُ فِي حُبِ صورَتِهِ. أَخيراً، يَخْتَفِي الْحبُّ غَيْرَ المُتَبَادَلِ فِي صورَتِهِ الذَّاتِيِّةِ. وَعِنْدَمَا يَبْدَأُ فِي الْبُكَاءِ يَخْتَفِي اِنْعِكَاسُ صورَتِهِ وَيَتَحَوَّلُ إِلى زَهْرَة، زَهْرَةَ النَّرْجِسِ

تُفُّهُمِ النَّرْجِسِيَّةُ كَمَا نُعَرِّفُهَا الْيَوْمَ فِي عِلْمِ النَّفْسِ عَلَى أَنَّهَا مَا يُعَرِّفُ بِاِضْطِرَابٍ مِنَ اِضْطِرَابَاتِ الشَّخْصِيَّةِ. تَتَمَيَّزُ اِضْطِرَابَاتُ الشَّخْصِيَّةِ بِحَقِيقَةٍ أَنَّ الْمَرَضَ النَّفْسِيَّ نَشَأَ فِي وَقْتٍ مُبَكِّرٍ جِدَاً مِنَ الطُّفُولَةِ أَوْ بَعْدَ حَدَثٍ شَدِيدِ الْعُنْفِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْاِضْطِرَابَاتِ مُنْدَمِجَةً أَوْ بِالأَحرى مُنْصَهِرَةً جِدَاً مَعَ شَخْصِيَّةِ الشَّخْصِ الْمَعْنِيِّ بِحَيْثُ أَنَّهُ لَا يُشْعِرُ وَلَا يَتَعَرَّفُ عَادَةً عَلَى الْاِضْطِرَابِ الَّذِي يُعَانِي مِنْهُ دُونَ مُسَاعَدَةٍ خَارِجِيَّةٍ. يُدْخِلُ مُعْظَمُ الْمُصَابِينَ بِالْاِضْطِرَابِ النَّرْجِسِيِّ إِلَى الْعِلَاَجِ لِأَنَّهُمْ يُعَانُونَ مِنْ مَرَضٍ آخر مِثْلُ الْاِكْتِئَابِ أَوِ الْقَلَقِ أَوِ الْمَشَاكِلِ الْجَسَدِيَّةِ

لَكِنَّ هُنَاكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ مُهِم: جَمِيعُنَا لَدَيْنَا هَذِهِ الشَّخْصِيَّةِ النَّرْجِسِيَّةِ. وَهَذَا أَمْرٌ جِيِّد. هَذَا يُسَاعِدُنَا عَلَى تَأْكِيدِ أَنَفُسِنَا وَتَلْبِيَةِ اِحْتِيَاجَاتِنَا وَالدِّفَاعِ عَنْ سَلَاَمَتِنَا. تَكُونُ النَّرْجِسِيَّةُ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وُضُوحَاً مِنْ شَخْصٍ لِآخِر. وَمَعَ ذَلِكْ، فِي ١-٢٪ مِنَ الْنَاسِ، تَكُونُ الشِّدَّةُ لَديِّهم كَبيرةٌ لِدَرَجَةٍ أَنَّنَا نُصَنِّفُ الْحَالَةَ عَلَى أَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ اِضْطِرَابِ الشَّخْصِيَّةِ. لَكِنْ مَاذَا يَعْنِي هَذَا؟ مِنَ الْمُهِمِّ هُنَا أَنْ نَبْقَى قَرِيبِينَ مِنَ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ، وَلِهَذَا السَّبَبِ، نَوَدُّ تَدْوِينَ الْمَعَايِيرِ الرَسميِّةِ لِدَليلِ تَشْخِيصِ الْأَمْرَاضِ الْعَقْلِيَّةِ مِنَ الْوِلَاَيَاتِ الْمُتَّحِدَةِ

وِفقَاً لِهَذَا الْدَليلِ، يُفْتَرَضُ وُجُودُ اِضْطِرَابِ الشَّخْصِيَّةِ النَّرْجِسِيَّةِ إِذَا تَمَّ اِسْتيفَاءُ خَمْسَةٍ عَلَى الْأَقَلِّ مِنَ الْمَعَايِيرِ التَّالِيَةِ:

الشُّعُورُ الْمُفْرِطُ بِأهَمِّيَّةِ الذّات وَالْأهَمِّيَّةِ بِشَكلٍ عَامْ (عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، الْمُبَالَغَةُ فِي إِنْجَازَاتِ الْمَرْءِ وَمَوَاهِبِهِ وَيَتَوَقَّعُ إِعْجَابَ وَاِنْبِهَارَ الآخرين دُونَ إِنْجَازِ أَيِّ شَيْءٍ فَعَلِيٍّ فِي الْمُقَابِلِ)

الْاِنْشِغَالُ الْمُفْرِطُ بِتَخَيُّلَاتِ النَّجَّاحِ غَيْرَ الْمَحْدُودِ، أَوِ الْقُوَّةُ، أَوِ الْبَرَاعَةُ، أَوِ الْجَمَالُ، أَوِ الْحُبُّ الْمِثَالِيُّ

الْإيمَانُ بِأَنَّ الْمَرْءَ مُمَيَّزاً أَوْ فَرِيدَاً وَأَنَّ الشَّخْصِيَاتِ الْأُخْرَى الْخَاصَّةَ أَوِ الْبَارِزَةَ فَقَطْ هِيَّ الَّتِي يُمْكِنُهَا فَهْمُهُ أَوْ يَجِبُ عَلِيِّهِ التَّعَامُلُ فَقِط مَعَ هَذِهِ الشَّخْصِيَّات

حَاجَةٌ مَاسَةَ إِلَى الْإِعْجَابِ مِنْ قَبْلِ الآخَريِن

شُعُورٌ قَوِّيٌ بِالْاِسْتِحْقَاقِ

سُلُوكٌ اِسْتِغْلَاَلِي وَتَلَاعُبِيِّ فِي التَّعَامُلِ مَعَ الآخَريِن

قِلَةُ التَعَاطُفِ

كَثْرَةُ الْحَسَدِ مِنَ الآخَريِن أَو الاِعتِقَادُ بِأَنَّ الآخَريِن يَغارونَ مِنْهُ

كَثْرَةُ عَرضِ السُّلُوكِيَاتِ أَو الْمَوَاقِفُ الْمُتَعَجْرِفَةُ وَالْمُتَغَطْرِسَةُ 

الْمَصْدَرُ: دَليلُ تَشْخِيصِ الْأَمْرَاضِ الْعَقْلِيَّةِ الْأَمْرِيكِيِّ النُّسْخَةَ الْخَامسةَ

وَلَكِنْ لِنَكُنْ صَرِيحَيْنِ. مَنْ مَنَّا لَا يُعَرِّفُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَأْخُذُ نَفْسَهُ أَحَيَّانَاً عَلَى مَحْمَلِ الْجِدِّ، وَيُحَلِّمُ بِالنَّجَّاحِ أَوِ الْجَمَالِ أَوْ بِنَوْلِ الْإِعْجَابِ مِنَ الْأُخَرَيِنَ بِسُرور؟ هَذَا أَمْرٌ بَشَرِيّ لَكِنَّ الْإِعْجَابَ وَالْاِعْتِرَافَ الْمُسْتَمِرَّ مِنَ الآخرين غَيْرَ مُمْكِنٍ. التَّقَدُّمُ الْمُتَوَاصِلُ فِي الْوَظِيفَةِ هُوَ أَمْرُ مُرْهَقُ لِلَغَاِيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ تَحْقِيقُ الْأَدَاءِ بِبَرَاعَةٍ بِلَا تَوَقُّفٍ وبِدُونِ اِسْتِرَاحَةٍ

يَتَحَوَّلُ الْأَمْرُ إِلَى مُشَكِّلَةٍ عَنْدَمَا لَا نَتَعَرَّفُ عَلَى هَذَا الْجُزْءِ فِينَا وَنَسْعَى بِلَا وَعْيٍ لِلْاِعْتِرَافِ الدَّائِمِ مِنَ الْأخَرَين. لِأَنَّهُ مَنِ الْمُهِمِّ الْإشَارَةَ إِلَى أَنَّ مُعْظَمَ الْأَشْخَاصِ ذَوِي الْبِنْيَةِ النَّرْجِسِيَّةِ غَيْرَ مُدْرِكِينَ لِهَذَا الْأَمْر أَوْ أَنَّهُمْ يُدْرِكُونَ ذَلِكَ وَلَكِنْ بِشَكْلٍ هَامِشِي

لَكِنْ لِمَاذَا يَسْعَى الْأَشْخَاصُ ذِّو الْمُسْتَوَيَاتِ الْعَالِيَةِ مِنَ النَّرْجِسِيَّةِ إِلَى هَذَا الْاِعْتِرَافِ وَهَذَهِ الصُّورَةِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْعُيُوبِ؟

الْبَحْثُ الْعِلْمِيُّ لَا يُزَالُ لَدَيْهِ بَعْضَ الْأسْئِلَةِ الْمَفْتُوحَةِ لِلْإِجَابَةِ عَنْهَا. وَمَعَ ذَلِكَ، تَفْتَرِضُ النَّظَرِيَّةُ أَنَّ الْإهْمَالَ فِي مَرْحَلَةِ الطُّفُولَةِ، وَعَدَمِ الْاِهْتِمَامِ بِهِمْ- عَادَةً مِنْ قِبَلِ الْوَالِدَين- يُؤَدِّي إِلَى مُحَاوَلَةِ الْأَشْخَاصِ الْبَالِغِينَ تَعْوِيضَ هَذَا النَّقْصِ النَّفْسِيِّ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ مِنَ الْحَيَاةِ، وَالَّذِي يَوْصَفُ غَالِبَاً بِأَنَّهُ “ ثُقْبٌ أُسودٌ دَاخِلِي“. لِلْوَهْلَةِ الْأوْلَى، هَؤُلَاءِ الْأَشْخَاصِ يَكُونُونَ جَذَّابِيْنَ، وَوَدُودِينَ، وَمَرَحَيْنَ، وَمُهَذَّبِينَ. يَبْدُو وكأَنَّهُمْ يُكَادوا أَنْ يَكونوا “ مِثَالِيِّينَ لِلْغَايَةِ „، وَلِذَلِكَ نَقْعُ فِي فَخِّهِمْ فِي الْبِدَايَةِ. يَقومُ النَّرْجِسِيّونَ عَنْ قَصْدٍ بِكُلِّ ذَلِكَ لِكَيْ يُعْطُوا اِنْطِبَاعاً وَتَأْثِيراً جَيِّدَانِ عَلَى الآخَريِن

وَمَعَ ذَلِكَ، مِثْلُ الشَّبَحِ الْجَائِعِ، فَإِنَّ هَذَا الثُّقْبَ الْأسْوَدَ الدَّاخِلِيّ يَّلْتَهِمُ كُلَّ الْإِدْرَاكِ وَالْإِعْجَابِ وَيَتْرُكُ الْمُتَضَرِّرِينَ (النَّرْجِسيِّينَ) جَائِعِينَ. يَتْبَعُ هَذَا الْجُوعَ لِلْاِعْتِرَافِ بالْمَزيِّدِ وَالْمَزِيِّدِ مِنَ الْمُحَاوَلَاتِ الْعُدْوَانِيَّةِ لِلْوُصولِ إِلَى حَيَاةٍ “ مِثَالِيَّةٍ“. يَتِمُّ التَّلَاعُبُ بِشُرَكَاءِ الْحَيَاةِ وَالْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَجُرْحُ مَشَاعِرِ أَشْخَاصٍ آخَريِن فِي هَذِهِ الْعَمَلِيَّةِ. لِأَنَّ قِيمَةَ الآخَريِن عَادَةً مَا تُرَى فَقَطْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِاِحْتِيَاجَاتِ الْفَرْدِ. هَذَا يُؤَدِّي إِمَّا إِلَى حَقِيقَةٍ بأَنَّ الشَّخْصَ الْمُصَابَ بِالْاِضْطِرَابِ النَّرْجِسِيِّ يُسَبِّبُ الْكَثِيرَ مِنَ الْمُعَانَاةِ فِي بِيئَتِهِ، لَكِنَّهُ يَسْتَمِرُّ فِي “ النَّجَّاحِ “ أَوْ يُؤَدِّي إِلَى صِرَاعَاتٍ فِي مُحِطِّيِّهِ وَالشُّعورِ بِالْفَرَاغِ الدَّاخِلِيِّ أَوِ الْحَسَدِ أَوْ خَيْبَةِ الْأَمَلِ الْكَبِيرَةِ. أَيُّ شَخْصٍ يَعْتَقِدُ بأَنَّ هَؤُلَاءِ النَّاسِ هُمْ أَشَرَارٌ، فَهُوَ الْآنَ يَنْسَى أَنَّهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْحَالَاتِ يُعَانُونَ بِشِدَّةٍ مِنْ أَفْعَالِهِمِ اللَّاوَاعِيَةَ

يَفْتَقِرُ الْأَشْخَاصُ ذَوُّو النَّرْجِسِيَّةِ الْقُوِّيَّةِ إِلَى جُزْءٍ مِنَ التَّعَاطُفِ (التَّعَاطُفِ مَعَ الآخَريِن، وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، مَعَ أَنَفْسُهِمْ). إِنَّهُمْ بِالْكَادِ يَتَعَرَّفونَ عَلَى مَا هُوَ إِنْسَانِيٌّ أَوْ بَشَرِيٌّ فِي أَنَفْسُهُمْ والآخرين. أَي أَنَّنَا نَحْنُ الْبَشَرُ نَتَمَتَّعُ بخصَائِصَ إِيجَابِيَّةٍ وَسَلْبِيَّةٍ عَلَى حَدٍّ سَوَاء، وَأَنَّ الْاِنْتِكَاسَاتَ جُزْءٌ مِنَ الْحَيَاةِ، وَأَنَّنَا بِالْفِعْلِ لَدَيْنَا قَيِّمَةٌ كَبِيرَةٌ حَتَّى عَنْدَمَا نُولَدْ وَلَيْسَ فَقَطْ عَنْدَما نُحَقِّقُ إِنْجَازَاتٍ عَظِيمَةٍ. إنَّ سَعَادَتَنَا وَتَعَاسَتَنَا تَعْتَمِدُ فِي الْغَالِبِ عَلَى جَوْدَةِ عَلَاَّقَاتِنَا الْوَثِيقَةِ وَمُعَامَلَتِنَا الْمُهْتَمَّةِ بِأَنْفُسِنَا والآخرين وَلَيْسَ عَلَى كَمِّيَّةِ الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ فِي حِسَابِنَا (عَلَى الْأَقَلِّ، ابتدأً مِنْ مَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ)

حَتَّى سنوَاتٍ قَلِيِّلَةٍ مَاضِيَّةِ، كَانَ الْعِلْمُ يَعْتَقِدُ بِأَنَّ الْأَشْخَاصَ ذَوِي الْهَيَاكِلِ النَّرْجِسِيَّةِ لَا يُمْكِنُهُمْ تَعَلُّمُ التَّعَاطُفِ. وَلَكِنْ تَمَّ دَحْضُ ذَلِكَ وَبِالتالي هُنَالِكَ أَمَلْ. غَالِبَاً مَا يَكُونُ الْعِلَاَجُ النَّفْسِيُّ لِهَذَا الْمَرَضِ مُؤْلِمَاً لِلغَاِيَّةٍ لِجَمِيعِ الْمَعْنِيِّينَ، وَلَكِنْ بِشَكْلٍ خَاصٍ لِلْمُصَابِينَ. فِي الْعِلَاَجِ النَّفْسِيِّ، يَتَعَيَّنُ عَلَى النَّرْجِسِيِّيْنِ أَنْ يَتَعَلَّموا مِنَ النَّاحِيَةِ الْعَمَلِيَّةِ الْحَيَاةَ الْاِجْتِمَاعِيَّةَ تَمَاماً وَفِي نَفْسِ الْوَقْتِ تَوْدِيعَ صُورَتِهِمْ وَاِنْعِكَاسِهِمِ الْمِثَالِيِّينَ فِي الْمِرْآةِ

إِذَا كُنْتُم تُرِيدونَ مَعْرِفَةَ الْمَزِيدِ عَنْ هَذَا الْمَرَض، فَإِنَّ الْقِصَّةَ السَّمَاعِيَّةَ مِنْ د. هاغيماير „اِسْمَحْ لِي، أَنَا أحْمَقْ“ جَديِرٌ بِالتَّوْصِيَةِ. هُنَاكَ طَبِيبٌ نَفْسيِّ يَتَحَدَّثُ عَنْ جَانِبِهِ النَّرْجِسِيّ. وَمِنِ الْمُهِمِّ أَيْضاً الْإشَارَةَ إِلَى أَنَّ هُنَاكَ جَانِبَاً آخِر، جَانِبَاً وَدُودَاً وَسَاحِرَاً وَمُغَامِرَاً يَجْعَلُ الْحَيَاةَ مُثِيرَةً

وَلَكِن كَالْعَادَة: الْجُرْعَةُ تَصْنَعُ السُّمْ. َوَلَمْ يَتَبَقَّ سِوَى شَيْئاً وَاحِداً لِمُحِيطِ النَّرْجِسِيِّيْن، اِعْتَنَوْا بِنَفْسِكُمْ جَيِّداً