لطالما وجدت مليكة تجربة الحرب شديدة الفوضى. إنها تُشبهها بـ „خزانة حيث كل الأشياء فوضوية“ وأحياناً „يفتح باب الخزانة رغم أنها لا تريد ذلك.“ ثم تتطاير شظايا الذكريات حولها ومشاعر الخوف والغضب والحزن الشديد ولا يعد بإمكانها إغلاق الأبواب
لفترة طويلة لم يكن الأمر منطقياً حقاً. هذه الخزانة لا تزال موجودة اليوم. حتى اليوم، الأشياء تتطاير من وقت لآخر
لكن هناك شيء آخر أيضاً. أحياناً عندما ترفع عينيها عن تلك الخزانة، ترى أشياء لم تلاحظها من قبل. أشياء جميلة
التجارب المؤلمة مثل الزلازل. إنهم يهزون الحياة كلها ويجبرون الناجين على إعادة تجميع الشظايا معاً. كل ما كان يبدو في السابق „طبيعياً“، يتغير بشكل مستمر. هذا عادة ما يكون مؤلماً جداً
ولكن يمكنها أيضاً أن تجعل الناس ينمون في نفس الوقت. إنهم يدركون أنه يمكنهم البقاء على قيد الحياة حتى في أسوأ الظروف الخارجية
وفي „إعادة تجميع“ القطع، يرى المرء ويختبر العالم بطريقة جديدة. يتحدث علماء النفس عن نمو ما بعد الصدمة والهدايا الخمس
:الهدايا الخمس هي تغييرات محتملة داخل الناس
تزداد احتمالية رؤية الفرص واغتنامها
يشكلون روابط أقوى مع أحبائهم / مع الأشخاص الذين عانوا أيضاً
يقدرون الحياة ومعرفة الملذات الصغيرة
يبنون قوة داخلية من خلال معرفة أنهم نجوا من المواقف الصادمة المؤلمة
تزداد روحانياتهم / تدينهم مما يعطيهم معنى
لطالما أحببت مليكة عائلتها وأصدقائها، لكنها تشعر مؤخراً بهذا الحب بشكل أكبر بكثير. لا يتعلق الأمر بالقيام بأشياء مثيرة، فمجرد التواجد معهم أو شرب الشاي أو مشاهدة مسلسل ما، يجعلها سعيدة. الأشياء الصغيرة
عندما طلب منها ابن عمها العمل في شركة تصميم الجرافيك الخاصة به. كانت قلقة بعض الشيء في البداية، لكنها فكرت بعد ذلك. ماذا سيحدث. يمكنها أن تجربها
لم تنس مليكة خزانة ملابسها وهي تعلم أيضاً أن بعض أصدقائها وأفراد أسرتها يعانون من ذلك
من المهم الإشارة إلى أن ضغوطات ما بعد الصدمة مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات النوم يمكنها أن تظهر أيضاً مع النمو اللاحق للصدمة. فهم لا يستبعدون بعضهم البعض
ولا يختبر الجميع نمو ما بعد الصدمة أيضاً. الأرقام الدقيقة غير معروفة، ولكن تشير التقديرات إلى أن حوالي نصف الناجين واجهوا واحداً أو أكثر من هذه التغييرات الداخلية
ولكن ماذا لو لم نختبر نمواً إيجابياً من صدماتنا؟
إن هذا على ما يرام تماماً. الصدمات هي ظاهرة مُعقدة لها تأثيرات مختلفة جداً على أجسامنا وأدمغتنا وعائلاتنا وحياتنا. أحياناً يكون النجاة من مثل هذه الأحداث إنجازاً لا يمكن تصوره تقريباً. ثم يأتي وقت الشفاء. من خلال العلاج النفسي، من خلال بناء قوة جديدة ببطء ونعم، فقط البقاء على قيد الحياة أولاً. خاصة عندما تأتيك تحديات جديدة
من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، الشعور بهذه الآثار الإيجابية في خضم الأزمة. في الوقت الحالي – في خضم الوباء – من الصعب علينا التفكير في إمكانية نمونا. لكن ربما يمكننا التفكير فيما بعد
ومثل مليكة، نرى كيف نجحنا في تجاوز هذه الأزمة. يمكننا التحدث عن هذه التجارب مع الأصدقاء أو مع المعالجين. يمكننا أن نسأل أنفسنا الأسئلة التالية
ما هي الفرصة التي قد أرغب في انتهازها؟
من هم الأشخاص المهمين بالنسبة لي؟
ما هي الأفراح الصغيرة الجميلة في هذه اللحظة؟
ألا يجب أن أكون أقوى بكثير مما أعتقد إذا نجوت من كل هذا؟
هل ربما يوجد شيء أكبر مما يمكنني رؤيته بالعين المجردة؟
ربما كنتم قد سُئلتم من قبل ما إذا كنتم تفضلون الشتاء أو الصيف. يمكن أن يستند الجواب ببساطة على حالة الطقس. يفضل الكثيرون الصيف لأنهم قد يفكرون في الشمس والشاطئ والعطلات. ومع ذلك، هناك الآخرون الذين يفضلون المطر أو الثلج
أو أن بعض الناس يمرون دائماً بمرحلة مُجهدة ومُرهقة نفسياً في الشتاء أو الخريف ولذلك يختارون الصيف
الأيام القصيرة، الليالي الطويلة، والطقس الغائم هي من سمات فصل الشتاء. تذهبون إلى العمل في الظلام، وتقضون اليوم في المكتب وتعودون إلى المنزل عندما يكون الظلام قد حل مرة أخرى
هذا التغيير في الفصول يؤثر على مشاعرنا ومزاجنا. ونتيجة لذلك، يُلاحظ الكثيرون تقلباتً في المزاج والطاقة
في علم النفس تسمى تلك الظاهرة أو الاضطراب بـالاكتئاب الموسمي أو الفصلي
والسبب الرئيسي لذلك هو عدم وجود ضوء النهار الطبيعي. عيوننا تزود دماغنا بشدة الضوء لتنظيم ساعتنا البيولوجية الداخلية. وهذا بدوره يؤثر على مزاجنا ونومنا وشهيتنا
ماهي أعراض هذا الاكتئاب الموسمي؟
يشعر المرء بعدم الارتياح، والتعب والخمول ويكون لديه مزاج منخفض، وعدم الاهتمام بالأنشطة التي عادة ما يرغب المرء في القيام بها. لا يعد بإمكان المرء المحافظة على تركيزه، على خلاف العادة. والقدرات الفكرية الأخرى تنخفض خلال هذه الفترة. وينسحب المرء أيضا اجتماعياً ويتجنب العلاقات الاجتماعية
بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضاً أعراض تظهر على المستوى البدني: يعاني المرء بشكل رئيسي من اضطرابات النوم، لذلك غالباً ما يكون المرء متعباً. تزداد الحاجة إلى النوم ويُرافق ذلك بصداعٍ وألم في الرقبة. يزداد الوزن لأن الشهية تزداد، وخاصة على الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات
لا تقتصر هذه الأعراض على البالغين، حتى الأطفال والمراهقين يمكن أن يعانوا منها أيضاً
ماذا يمكن أن نفعل حيال ذلك؟
في المقام الأول، يجب أن تحاولوا تنظيم اليوم بطريقة لا تفوتوا فيها ضوء النهار الطبيعي من خلال ممارسة الرياضة خلال النهار مثلاً
عرض بشرتنا للضوء (نعم، حتى عندما لا تشرق الشمس) يؤدي إلى تأثير ملحوظ. وهذا يسمح لجسمنا بإنتاج فيتامين (د)، الذي له تأثير مضاد للاِكتئاب ويؤدي للإحساس بالنشاط
إذا كانت الأيام قصيرة جداً بحيث يكون المشي في الضوء يكاد يكون غير ممكناً، يمكن أن يعطي ما يسمى مصباح النهار أو مصباح الضوء الأبيض أيضاً هذا التأثير في الغرف الداخلية
وتشير الدراسات إلى أن هذه المصابيح لها تأثير إيجابي على أعراض الاكتئاب الموسمي (وأيضاً على أشكال أخرى من المزاج الاكتئابي)
على الرغم من الرغبة لتجنب التواصل الاجتماعي، يجب على المرء أن يحاول الاجتماع مع الأصدقاء والعائلة وربما إخبارهم عن ذلك بقدر ما يمكنه ذلك. ربما يحصل المرء على دعم إضافي أو يمكن تبادل الاستراتيجيات المشتركة ضد كآبة الشتاء
يجب على المرء أيضاً اتباع نظام غذائي متوازن، الأطعمة التى تحتوي لبنة البروتين التربتوفان، مثل الكاجو أو تيروزين الاحماض الامينية، مثلاً الاسماك أو الفول السوداني، يمكن أن تعزز من اِفراز السيروتونين. يسمى هذا الهرمون، السيروتونين، هرمون السعادة
مع ممارسة الرياضة في الهواء الطلق والتعرض للضوء والتواصل الاجتماعي والنظام الغذائي الصحيح، يمكن تخفيف العديد من الأعراض
إذا كانت الاِستراتيجيات المذكورة لا تجعلكم تشعرون بتحسن، يمكن أن يقدم لكم المعالج النفسي/ المعالجة النفسية المزيد من استراتيجيات مساعدة وقيمة. جربوها
كيف يمكننا الكتابة عن موضوع لا يجب أن يُوجد في العديد من المجتمعات؟ كيف نَكتب عن أمر حرام؟
لم نكن الوحيدين الذين سألنا أنفسنا ذلك، لا، كذلك فارس. يعيش فارس في ألمانيا منذ عدة سنوات. الآن، ليس لديه مشكلة في التحدث عن الأمر بشكل علني، لكن حتى قبل ذلك كان يحب أن يدخن السجائر. في هذه الأثناء، أصبح يدخن سجائر ماريجوانا وعندما يكون حزيناً جداً، يشرب أحياناً عدة كؤوس نبيذ
إنه يشعر بالذنب حيال ذلك فهو يعلم أنه لا ينبغي عليه فعل هذا. ولكن عندما يشعر بآثار الماريجوانا وكؤوس النبيذ الأولى، يمكنه الاسترخاء بشكل أفضل. من ثم يتلاشى الضغط الذي يشعر به في العمل، والعداء في القرية الريفية التي يعيش بها والأفكار المظلمة التي تلاحقه من ماضيه
فارس يدرك ببطء أن الأمر برمته قد بدأ بأن يصبح خطيراً. فقد أصبح يعاني من صعوبة في النهوض من الفراش في الصباح، ومن الصداع ويشعر بالفتور. بالإضافة إلى ذلك، فإن كأسين النبيذ في المساء بالكاد يكفيان، حيث يصبحون ببطء ثلاثة أو أربعة كؤوس. بالطبع، يبقي فارس الأمر سراً عن أصدقائه وعائلته. ومع ذلك، يعتقد أنه يجب عليه التحدث إلى شخص ما حول هذا الموضوع
فارس ليس وحيداً. في ألمانيا، صرح حوالي ٥-٣٪ من الناس أنهم يعتمدون على المسكنات، و ٥-٣٪ على الكحول وحوالي ١٠٪ على النيكوتين. في أمريكا، يكافح حوالي ٢٠ مليون شخص الإدمان. إن تعاطي المخدرات والإدمان موجودان أيضاً في المجتمعات الإسلامية. عادة ما تكون أقل من المجتمعات الأخرى، لكنها موجودة. أفاد ٤٤٪ من جميع الطلاب في لبنان أنهم يستهلكون كميات كبيرة من الكحول. حالياً، لا توجد أرقام موثوقة للاجئين في ألمانيا. ومع ذلك، فمن المفترض أن تجارب اللجوء وإمكانية الحصول على المخدرات على طريق اللجوء أو في ألمانيا تمثل خطراً متزايداً للإدمان
لكن ما هو الإدمان على أي حال؟
هل أي تعاطي للكحول أو للسجائر خطير بشكل مباشر؟ يجب أن نميز هنا بين ما، على سبيل المثال، ما هو محظورٌ دينياً (الكحول من المحرمات) وما هو موصى به من وجهة نظر طبية
يحدد المركز الألماني لأسئلة الإدمان حداً متوسطاً يومياً يبلغ ١٢ جراماً من الكحول الصافية للنساء و٢٤ جراماً من الكحول الصافية للرجال. هذا يعادل حوالي نصف لتر من البيرة للرجال وزجاجة بيرة صغيرة للنساء. أي شيء يتجاوز ذلك نصنفه كالاستخدام الضار أو المسيء ويمكن أن يؤثر على الجسم والدماغ
الأطفال والشباب معرضون للخطر بشكل خاص لأن نموهم البدني، وقبل كل شيء، النمو العقلي لا يكون قد اكتمل حتى يبلغوا من العمر ٢٥ عاماً. قبل ذلك، يكون للأدوية تأثير قوي بشكل خاص على النمو العقلي
يشعر فارس بشعور غريب وهو يقرأ هذا. فهو يشرب أكثر بكثير من ذلك. لكن هل من يشرب أكثر بشكل تلقائي يعد مدمن؟
ليس بالضرورة! هناك فرق كبير بين قبول استهلاك أنواع المخدرات المختلفة „بشكل طوعي“ من أجل شعور النشوة العالي، أو الاستمتاع بالمجالس أو الاسترخاء السريع وبالتالي الإضرار بصحتنا، أو الاعتماد عليها كثيراً بحيث „يتعين علينا“ القيام بذلك عملياً. أي أننا لا نستطيع العمل في حياتنا اليومية من دون هذه المخدرات
ليس من قبيل المصادفة أن معظم حالات الإدمان في الولايات المتحدة تأتي من مسكنات الآلام. في علم النفس، يُنظر إلى الإدمان على أنه محاولة للتخفيف أو التستر أو نسيان الألم (النفسي) الناجم عن الوحدة، أو الإعاقة الجسدية، أو التجارب الصادمة، أو غيرها من التجارب المؤلمة
لذا فإن الإدمان هو في الغالب علامة على المعاناة وليس ضعف الشخصية. الأشخاص المتضررون ليسوا أشراراً لكنهم يعانون من تجاربهم المؤلمة وقد لا يعرفون طرقاً أخرى للتخفيف منها
يتميز الإدمان بحقيقة أن هناك شهوة قوية للمخدر المعني، وأن الأفكار تدور حوله كثيراً وأيضاً أنه مع الوقت على المرء أن يزيد من كمية أو جرعة المخدر لكي يحقق نفس التأثير المهدئ الذي كان يحصل عليه من كمية أقل قبل ذلك. وهنا تكمن خطورة الإدمان، حيث يتحول كوب واحد من النبيذ سريعاً إلى ثلاثة. نحتاج دائماً إلى المزيد لتخفيف الألم
قد أخبر فارس صديقه الألماني عن سره. بعد ذلك أحاله صديقه مباشرة إلى الطبيب العام الذي أرسله بدوره إلى أحد مراكز استشارات الإدمان العديدة في ألمانيا، حيث يعمل أيضاً موظف تركي. إنه يفهم معضلة فارس بشكل جيد. إذا أخبر عائلته، فإنه يخشى أن يُنظر إليه على أنه مسلم سيء. إذا استمر في إخفاء إدمانه، فإنه يشعر بالوحدة. ما يساعده هو أن يرى أن الألم يأتي من تلك الوحدة، من المعاملة السيئة وتجارب التمييز العنصري وعدم توفر فرص للتفريغ عن ضغطه النفسي. في المركز، يلتقي فارس بمسلمين آخرين يعانون من الإدمان. سياد هو أفغاني كان يدخن الكثير من الافيون في وطنه القديم، أو الأستاذ الجامعي المغربي الذي لم يستطع التوقف عن تناول المسكنات في الولايات المتحدة بعد تعرضه لحادث، أو الأم التركية التي تناولت الكثير من الايبوبروفين لعلاج آلام الظهر التي تعاني منها فأصبحت لديها مشاكل معدة خطيرة بسبب الدواء. من غير الجيد التعامل مع الإدمان لوحدك
كما أن فارس يفهم الآن أن الأمر لا يتعلق فقط بالضرورة بالمخدر المعين. أي شيء يخفف الألم يمكن أن يؤدي إلى الإدمان. الكثير من الحلوى والتسوق وألعاب الفيديو وحتى الأشياء الصحية مثل ممارسة الرياضة إذا كنت تفعل ذلك بشكل زائد. لذلك فمن الصحيح أن أي شيء يحفز نظام المكافآت لدينا في الدماغ يُمكن أن يصبح إدماناً
لقد تعلم فارس الآن طرقاً أخرى للتعامل مع الضغط النفسي. يذهب للتنزه كثيراً ويلتقي بالأصدقاء والعائلة. حتى أنه أصبح يدافع عن نفسه قليلاً ضد رب عمله. كل هذا جيدٌ بالنسبة له
ومع كل هذا، فإنه يشعر أحياناً بالرغبة الشديدة، ذلك الشعور الغريب في معدته، لتدخين سيجارة الماريجوانا. هذا الشعور سوف يرافقه، في البداية كان يستسلم في كثير من الأحيان ويشعر بالسوء. لكنه يعرف اليوم أن الانتكاسات هي جزء من عملية التخلص من الإدمان. وفي هذه اللحظات اكتشف أيضاً الصلاة من أجل نفسه فهي تساعده خلال أصعب اللحظات. لا تنسوا أن هناك المزيد لتختبروه عندما يكون لديكم عقل صافٍ
كل من سار في أحد الشوارع المظلمة ليلاً يعرف ذلك. نرى مجسماً مظلماً ونسأل أنفسنا، هل هذا ظل أم هو شخص؟ يواجه دماغنا صعوبة في معرفة الفرق. وبحسب الاستنتاج، قد نشعر بالخوف مما نعتقد أننا قد نواجه، أو نشعر بالارتياح لأنه مجرد ظل
إن تصورنا للواقع له تأثير كبير على ما نشعر به وفي النهاية على راحتنا
لا يمكننا إدراك المواقف الخارجية فحسب، بل المواقف الداخلية أيضاً. غالباً لا ننتبه لذلك، لكن جميعنا لدينا „صوت ثرثار“ في رؤوسنا. الأفكار المستمرة التي تحفزنا أو تدفعنا أو تنتقدنا أو تحمينا أو حتى تبنينا. عندما ندرك أن هذا الصوت الثرثار موجود، غالباً ما نشعر بالدهشة لأنه ينتقدنا كثيراً وليس ودوداً على الإطلاق. „افعل هذا …“ „يجب أن تمارس المزيد من الرياضة …“ „قد فعلت الآن هذا وذاك مرة أخرى ….“. بقليلٍ من التدريب، يمكننا تخفيف الأثر السلبي لهذا الصوت
لكن هناك مجموعة من الأمراض العقلية التي لم يعد فيها إدراك الواقع وإدراك أفكار المرء نافعاً. نسميها مرض انفصام الشخصية. ولكن بصراحة، لا يوجد نوع واحد من انفصام الشخصية. المرض وأعراضه متنوعة للغاية وفردية. ومع ذلك، فإن القاسم المشترك بينهم جميعاً هو تصور وإدراك مشوه للواقع
عندما سمعت سارة „الصوت“ للمرة الأولى، لم تعتقد أنه كان سيئاً للغاية. كانت قد تشاجرت للتو مع أعز أصدقائها وكانت على خلاف مع والدها لفترة طويلة. نامت بلا كلل لفترة طويلة بسبب ذلك. ثم ساعدها الصوت على التغلب على الشعور بالوحدة الجديدة. في البداية كان ودودٌ للغاية. أخبرها ألا تأخذ المدرسة على محمل الجد وأن يذهبا إلى البحيرة بدلاً عن ذلك لكي يشعروا بالراحة. لن يفهمها الآخرون على أي حال. لكن تدريجياً نما الصوت أكثر فأكثر. يجب عليها أخيراً أن تقاوم وتحطم النافذة في غرفة الطعام لكي تجعل والدها يدفع الثمن. لكن سارة لم ترغب في ذلك وخافت. أخبرها الصوت ألا تخبر أحداً أبداً عن وجوده، وإلا فسيحدث شيء رهيب
لذلك لم تخبر سارة أختها بذلك. في يوم من الأيام، عندما كانت جالسة في المدرسة، تمكنت من رؤية مُجسمات مظلمة في الخارج. كانت متأكدة من أن والدها أرسلها لمراقبتها. أثار ذلك غضبها وأخافها أيضاً
في النهاية سألتها معلمتها عن ذلك وقالت لها بأنها لم تعد مُفعمة بالحياة كما كانت في السابق، تبدو قلقة وغير مركزة ولم تعد تتحدث مع الآخرين في الفصل. ما السبب؟
لكن صوت سارة ذكرها بألا تقول أي شيء
ما تعانيه سارة هنا هو أمر يجعل هذه الحالة مرعبة للغاية بالنسبة للغرباء. نرى إنساناً يغادر أرض الواقع. تعتبر المرحلة المرضية التمهيدية الطويلة نموذجية، حيث تظهر الأعراض الأولى مثل الأرق والتوتر الشديد وإهمال الاتصالات الاجتماعية والعمل والتعليم وأحياناً المظاهر الخارجية. ثم تأتي المفاهيم والأحاسيس المشوهة الأولى. إنها عملية تدريجية – إذا لم يتم ملاحظتها – يمكن أن تنتهي بما يسمى „الأعراض الإيجابية“. في الحقيقة، لا يوجد في الغالب أي شيء إيجابي حول هذه الأعراض بالنسبة لجميع المعنيين، يطلق عليها ذلك الاسم لأنه عادة ما يتضمن سلوكيات (إضافية، زائدة) أكثر من عند الشخص السليم. يرون أكثر مما هو موجود (الهلوسة)، وقد يسمعون أكثر مما هو موجود (الأصوات الداخلية)، ويميلون إلى أن يكونوا أكثر نشاطاً
غالباً ما تكون سارة في الخارج طوال الليل. إنها لا تريد ذلك – لكن الصوت يقول إنها يجب أن تستمر في الحركة حتى لا يتمكن جواسيس والدها من العثور عليها. لم تكد تنام لأيام وتخشى أن تفقد السيطرة. سارة تريد فقط أن يتوقف الصوت عن التحدث، ولكنه يزمجر بصوت عالي. في اليوم التالي، جمعت سارة كل شجاعتها وأخبرت معلمتها
ليس كل المصابين بالفصام قادرين على إدراك أنهم مرضى. سارة – التي تظهر هنا نوعاً من الفصام المصحوب بعوارض الهلع (الشك والخوف) مع جنون العظمة المعتاد والهلوسة السمعية (الصوت الداخلي)، علمت لاحقاً أن اخبارها لمعلمتها كان أمراً مهماً جداً لشعورها بتحسنها اليوم. تعلمت أيضاً أن الفصام يمكن أن يظهر على أنه أفكار واتصالات غير منظمة تماماً، أو تعبير عاطفي غير لائق (الضحك عندما يكون هناك شيء حزين)، أو حركات جسدية متشنجة أو صلبة أو متكررة. ومع ذلك، يمكن أن يشعر الجسد أيضاً بالغرابة والانفصال عن الواقع، ويمكن للمصابين التوقف عن التحدث تماماً أو الاعتقاد بأن الشخص الذي يظهر على التلفزيون يريد حقاً الزواج منهم (أوهام العلاقة). كما قلت، الصورة السريرية معقدة وغالباً ما تكون مصحوبة بأفكار انتحارية ومحاولات انتحار
ولكن ما يأتي بعد الأعراض „الإيجابية“ بالنسبة لمعظم الناس – وكذلك سارة – هي الأعراض „السلبية“ (سلوكيات أقل من الأشخاص السليمين). نقص كبير في الدافع والتعب والافتقار المزمن للعاطفة. يجد المصابون صعوبة في النهوض من الفراش والاستحمام وتناول الطعام. ما كان نشاطاً كبيراً في السابق أصبح الآن قليلاً جداً
السؤال المهم هو كيف تنشئ هذه الصورة السريرية – التي يمكن أن تسبب الكثير من المعاناة، لأولئك المتضررين ومن حولهم. مثل في وضع أهل سارة، حيث لا يمكنهم تفسير سبب تغير ابنتهم الكبير، ولماذا تصرخ كثيراً وتبقى بعيداً طوال الليل؟
كما هو الحال مع جميع الأمراض العقلية، لا يوجد سبب واحد. لكن هناك تأثيرات وعوامل عديدة. الجينات، أي الوراثة، لها أهمية خاصة في مرض انفصام الشخصية. إذا كان هناك أفراد في العائلة يعانون من أمراض مماثلة، يزداد احتمال الاصابة. من بين أمور أخرى، تؤثر الجينات على الوسائط الكيميائية في الدماغ. لقد رأينا بالفعل دور الدوبامين في مقالنا عن اضطراب فرط الحركة وضعف التركيز. ربما يلعب نظام الدوبامين في الدماغ دوراً أيضاً في مرض انفصام الشخصية. تؤدي الكثير من الوسائط الكيميائية إلى تغييرات في تصور وسلوك وذاكرة المصابين. عندما تلتقي هذه التأثيرات البيولوجية بتجارب الشخص الذي يجدها مُرهقة للغاية، يمكن أن يتطور مرض انفصام الشخصية. تؤثر الأدوية والكحول أيضاً على عملية التمثيل الغذائي للدماغ ويمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالفصام في حالة الاستعداد الوراثي غير المواتي
ذهبت سارة إلى العلاج. قال الصوت في رأسها لها إنها ليست بحاجة إليه وأن والدها قد دفع مال للطبيب لكي يقول كل ما يريده الأب. لكنه كان طبيب لطيف وودود ولم تعد سارة تصدق كل كلمة يهمس بها الصوت لها. أخذت الدواء الذي جعلها تتعب، ولكن أيضاً جعل الصوت أهدأ
علمت أن الفصام يحدث في جميع الثقافات تقريباً وأن الأعراض متشابهة. ومع ذلك، كانت هناك اختلافات واضحة في محتوى الأوهام والهلوسة. تحدد معايير وقيم المجتمع أو المحيط ما الذي لا يزال „طبيعياً“ وما هو الوهمي. في الولايات الألمانية الفدرالية الجديدة – حيث يوجد تاريخياً عدد قليل من المتدينين – فإن الهوس الديني أقل شيوعاً مما هو عليه في ولاية راين لاند، على سبيل المثال. بدلاً من ذلك، قد يظهرون أوهام الملاحقة. في الأوساط الإسلامية، من „الطبيعي“ أحياناً أن يؤثر الجن أو السحر على الحياة. لن يكون هذا جنوناً في الأسرة المسلمة في درسدن، لكنه سيكون جنوناً لجيرانهم السكسونيين. المخاوف الثقافية هي أيضاً مهمة جداً. في المجتمعات الفردية يمكن أن يكون الخوف هو خوف من سيطرة الحكومة أو السلطات السرية على الفرد. في المجتمعات الجماعية، ربما يكون من الأرجح جلب العار على الأسرة أو إلحاق الضرر بأفرادها هو ما قد يسبب الخوف
لذلك من المهم فهم واقع الحياة والثقافة والمعايير الخاصة بالمتأثرين من أجل التعرف على ماهية الوهم وما هي الأفكار الثقافية الشائعة
كما هو الحال مع الأمراض العقلية الأخرى، يمكن أن يساعد العلاج النفسي مع مرض انفصام الشخصية في تصحيح التصورات المشوهة وأنماط التفكير. كيف نعرف هل هو ظل أم خطر، إذا كان فكراً أم حقيقة؟ يتعلق الأمر بفحص تصورك الخاص والشعور بالواقع والخيال مرة أخرى. من المهم أيضاً ملاحظة أن هناك أسباباً للإصابة بالأمراض العقلية. الهروب إلى الخيال هو حماية غير واعية من معاناة الواقع. في العلاج النفسي، تتعلم سارة أيضاً خطوة بخطوة التعامل مع قواعد والدها، والتجارب غير السارة من الرفض وآفاق المستقبل الخاص بها
هذا سوف يحتاج إلى وقت! لكن حتى الآن لم يعد الصوت إلا لفترة قصيرة. تعرف سارة الآن أن الرحلة أخافتها كثيراً، وأن كراهية الأجانب التي تستمر في الاشتعال في البلد الجديد سامة لإدراكها وأنه يُسمح لها بمنح هذه المشاعر مساحة لكي تستطيع معالجتها
الفصام قابل للعلاج. مع الأدوية والعلاج النفسي. إنه طريق قاسي، لكن هناك أمثلة عديدة لأشخاص مشهورين مصابين بالفصام (بما في ذلك فنسنت فان جوخ، عالم الرياضيات جون ناش) وأشخاص يقومون بأشياء مذهلة مع هذا الاضطراب
بِكاملِ السُرور نودُ إطلاعُكم علىَ مقالٍ مثير للاِهتمام جِداً يَتَحَدثٌ عن مُوضوعٍ مُهمً ولكن يتم التحفظُ عليهِ بِشكلٍ كبير في العالمِ العربي: أفضَلُ علاجٍ لضحايا الاغتِصابِ و العُنفُ الجِنسي
لا يصدق كيف يمر الوقت بسرعة. لقد وصلنا بالفعل إلى عام ٢٠٢٢. معظمنا متواجد هنا في ألمانيا منذ ٦ أو ٧ سنوات، ولكن لا زلنا نشعر وكأننا وصلنا مؤخراً هنا
الأول من يناير هو تاريخٌ مميز، ليس فقط لأنه يصادف عيد ميلاد الكثير منا، ولكن لأنه يعني بداية جديدة للكثيرين. هذه البداية الجديدة تذكرنا بالتغيير. الكل يريد تغيير شيء ما. الأول من يناير يبدو أنه مناسب لهذا المسعى. سيكون من الصعب لو كان هذا التاريخ هو التاسع والعشرون من فبراير
إذا كنتم مُدخنين، فلا بد أنكم فكرتم في حقيقة أنه بدءاً من الأول من يناير سوف تقلعون عن التدخين وبدلاً من ذلك ستذهبون إلى نادي الرياضة بانتظام أو سوف تبدئون الجري كل يوم. نحن نتخذ الكثير، ليس فقط القرارات الصحية، ولكن أيضاً قرارات اجتماعية ومهنية، إلخ
أرغب في إعادة التواصل مع أصدقائي القدامى، أود أن أتقن اللغة الجديدة أخيراً حتى أتمكن من إجراء تدريبي أو دراستي أو عملي
والعديد من القرارات الأخرى التي يا للأسف لا ينجح الكثيرون في تنفيذها
لماذا لا ننجح غالباً في تنفيذ قراراتنا في الواقع؟ هناك العديد من الأسباب الفردية لذلك. في بعض الأحيان تكون قراراتنا غير واقعية بمعنى أننا نغمر أنفسنا بها بحيث يتعين علينا بعد فترة التخلي عنها
أحياناً نخلط بين الدافع والنية. في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر، يريد شخص ما أن يبدأ من الأول من يناير بالتوقف عن التدخين. بعد منتصف الليل بقليل يشعل السيجارة الأولى. ليس فقط يمكن أن يكون هذا بسبب الخلط بين الدافع والنية، ولكن أيضاً بسبب أن المرء ليس جاهزاً بعد على المستوى الذهني
من الناحية النظرية، يمكن أن يأخذ شخص ما قراراً لتغيير سلوك ما لديه. لكن على هذا الشخص أن يُحضر نفسه نفسياً لذلك
أرغبُ في اجتياز اختبار اللغة هذا العام، سأذهب إلى دورة اللغة بانتظام وأدرس كل يوم. قد يكون هذا القرار صعباً، ولكن يمكن النجاح في تنفيذه بسبب تقسيمه إلى خطوات واضحة
المشكلة هي عدم مقدرتي في متابعة تنفيذ قراري. أفقد الحافز بسرعة، لا أشعر برغبة في الذهاب إلى الدورة، أشعر بمزاج سيء. نتيجة لذلك، لا يمكنني المضي في قراري. ثم يبدأُ توبيخ الذات
مبدأ البناء معقول للغاية وبسيط. بادئ ذي بدء، يجب أن يكون لديك أساس متين حتى تتمكن من مواصلة البناء. أعتقد أننا كبشر نعمل أيضاً على نفس المبدأ
كيف يمكنني إجراء اختبار اللغة أو الامتحان أو البحث عن وظيفة أو مقابلة العمل أو الاعتناء بعلاقاتي الاجتماعية إذا لم يكن الأساس „صحتي النفسية“ الخاص بي متينٌ ومستقرٌ بعد؟
لذلك، يجب أن يكون القرار الأول لعام ٢٠٢٢ هو صحتنا النفسية. كل شيء آخر سيتبع بلا شك، وبعد ذلك فإن الأمر مجرد مسألة وقت
بِكاملِ السُرور نودُ إطلاعُكم علىَ مقالٍ مثير للاِهتمام جِداً يَتَحَدثٌ عن مُوضوعٍ مُهمً ولكن غير معروف بِشكلٍ كبير في العالمِ العربي: رُهَاب الَخلاَء واضطراب الهلع
لَا يَكاد يُوجد أي مرض آخر يوجد فيه نقص معرفة والعديد من التحيزات كَما هو الحَالُ مَع اِضطرِاَبِ فَرطِ الحَرَّكةِ وَنُقصِ الاِنتباه. ليّسَ فَقط فِي الجَالياتِ العَربيةِ، ولَكن أيضاً في أَلمانيِا. فَفِي هَذا النَص، نُريّدُ أَن نَشرحَ مَا هو اِضطِرَابُ فَرطِ الحَركةِ وَنُقصِ الاِنتباهِ، وكَيّفِيةِ التَعرفِ عَليهِ ومُعالَجَتِهِ ومَا الَّذي قَد يَكونُ مُميزاً بِشأَنِ الإِصابةِ بِاِضطِرَابِ فَرطِ الحَرَّكةِ وَنُقصِ الاِنتباهِ فِي المُجتَمعِ العَرَّبي
لِماذا هَذا؟ هَذا بِسببِ أَدمِغَةِ المُصابين، أَو بِالأَحرى، بِسبَبِ النَاقِلَاتِ العَصبيةِ في الدِمَاغِ. مَا يُسمى بـ „هُرمون المُكافأة“ الدوبامين على وَجهِ الخُصوص لَا يَعملُ كَما يَنبَغِي. يُساعِدُنَا الدوبَامين فِي هَيكلَةِ السُلوكِ والأَنشِطَةِ وتَحديدِ أَولوياتِهَا. الواجِباتُ المَنزليةُ مُزعِجَةٌ، وَلَكنْ عِندمَا يَتمُ ذَلِكَ، يَتم إِطلاقُ الدوبامين و „ونشعروا بعدها بشعور المكافأة“. الأَمر نَفسهُ يَنطبقُ عَلى إِخراجِ القُمامةِ، أَو القِيَامِ بِتَدريبٍ مِهَني، أَو العُثورِ على شريك، أَو النهوضِ، أَو طَهي الطَعامِ، أَو التَواجدِ فِي الوَقتِ المُحدَدِ أَو العَملِ بِشكلٍ مَوثوقٍ. ولكن في العصر الحديث، مع التوافر اللامتناهي للإلهاء، أصبح من الصعب علينا جميعاً أن نُوجه انتباهنا على نشاط ما، فكل شيء مثير للاهتمام ويكافئنا على الفور بجرعة من الدوبامين. بالنسبة للأشخاص المصابين باِضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، يتكون العالم من عدد لا حصر له من عوامل التشتيت في الحياة اليومية. إنه أمر مُرهق ومُخيف وغالباً ما يُحمل المرء أكثر من وسعه
يَرى عماد أن هذه الصفات تَنطبق على نفسه وعلى ابن عمه الصغير الذي يبلغُ من العمر ١٣ عاماً والذي لا يمكن السيطرة عليه إلا بصعوبة. فهو يهز كرسيه، ويُعطل الصف، ويصرخ بصوت عالٍ. عماد أهدى نوعاً ما، في الغالبِ لديه أحلام يقظة إلى حد ما. أصبح عماد فضولياً وذهب إلى الطبيبة التي شرحت له أشياء مهمة
عماد يشعر بالارتياح قليلاً، لكنه حزيناً أيضاً. يتذكر كيف كان يكافح دائما للتركيز وتكوين الصداقات. بعدها بدأ بالبكاء والطبيبة تتعاطف معه. بعد ذلك، تَسألُ الطبيبة شيئاً مُهماً: عماد، مَا الَذي تُجيِّدُهُ بِشكلٍ خَاصٍ؟
بِكاملِ السُرور نودُ إطلاعُكم علىَ مقالٍ مثير للاِهتمام جِداً يَتَحَدثٌ عن مُوضوعٍ مُهمً ولكن غير معروف بِشكلٍ كبير في العالمِ العربي: الاِضطِرابُ من النَوعِ ثُنائي القُطب
بِكاملِ السُرور نودُ إطلاعُكم علىَ مقالٍ مثير للاِهتمام جِداً يَتَحَدثٌ عن مُوضوعٍ مُهمً ولكن غير معروف بِشكلٍ كبير في العالمِ العربي: الرِهَابُ الاِجتِماعي