نَجلس معاً في مجموعةٍ لطيفة وإذ بنا نتطرق إلى موضوع الخوف، والذي هو موضوع انساني إلى حد كبير
:جميعنا نستجمع القليل من الشجاعة ونقول
تَقول نور: أخشى الثَعابين، أُريد فقط الهروب، عندما أراها
يَعترف خالد ويَهُز رأَسه مُنزعجاً قَليلاً: أخشى الخلاف مع رب عملي
غالباً ما كُنتُ قَلِقَة بِشأن مُستقبلي مُنذ أَن كُنت في ألمانيا، تَقول مُنى
يَهمس أحمد وينظر إلينا جميعاً، ونَحْنُ نُومئ: عِندما اسمع صَوتاً قوياً، أَشعرُ بالخَوفْ وابدأُ بالهرب
هل هذه الأمثلة خَوف أم اضطرابُ قَلقٍ بالفعل؟
بَادئ ذي البدء، دعونا نحدد أولاً ما هو الخوف في الواقع: الخوف هو حَالة مِنَ الإثارة في الجسم تَنجُمُ عن ادراكِ مَوقفاً أو شَيئَاً ما (مثل الثُعبان) يُنظر إليهِ على أنهُ تَهديد
الخوف، في اللاتينية „أنغريه“ (وتُترجم: الاختناق، الشَد على الحلق)، يهيئ الجسم للفرار أو في حالات نادرة لمُحاربة التهديد. إن الشعور النموذجي بالخَوف، بالإضافة إلى تسارعِ ضرباتِ القلبْ والتَوتر والتَعَرق كُلُها تَغَيرات جَسَدية تَجعلُنا نَفر أو نَهرُب بشكلٍ أسرع
لماذا يَحتاجُ الشخصُ إذاً إلى شعورِ الخَوف المُزعج؟
غالباً ما يُنظرُ إلى الخوفْ على أنه شعور غير مريح وهذا شيء طبيعي. يُريد الجسم أن يُعطينا إشارة بأنه يَجب علينا طَلب الحِماية. فمن الأفضلِ أيضاً أن نستمع إلى أجسامنا عندما تُرسِلُ لنا إشاراتٍ غير سارة (مثل الجوع والعطش). نحن نملك آلية الأمان هذه مُنذ تَعرُضنا نحن كبشرٍ للعَديدِ من المخاطرِ من الحيوانات والبشر الآخرين (أي في العصر الحجري). الخَوف من الثَعابين يأتي لِكثيرٍ من النْاس من هذا الوقت، على الرُغم من أنهم يَعيشون في مناطق لا يوجد فيها ثَعَابين خَطِرةَ
في العَالم الغَرّبي، هناك عَددٌ قَليلٌ جداً مِنَ الأخطارِ الحقيقية لمعظم الناس في الحياة اليومية. معظم الناس يَقلَقون بشأن النِزاعات الشَخْصية أو أعباء العمل. „أنا خَائفٌ من الصراعِ مع رب عملي“ هو مثال نموذجي لهذا الخَوف
بالطبع، تَبدو الأمور مُختلفة تماماً عندما يُغادرُ المرء بلداً كانَ عَليه أن يخشى فيه على صِحتهْ أو حتى على حَياتهْ. هذا الخوف لهُ تَأثيرٌ وقائي، ربما في الشَكلِ الذي قَرر المرء فيه الفَرار بالفعل، على الرغم من أنهُ كانَ عليه تَركُ العَائلة والأصدقاء خَلفه
من نَاحيةٍ، يُمكنُ أن يَكونَ الخَوفُ مُفيداً جداً في المَواقفِ التي تَنطَوي على التهديد، ومِن نَاحيةٍ أخرى، يمكن أن يَجعل الخوف المُشكلات اليَومية تَبدو أكبر مما هي عليه بالفعل
لكن متى يتحدث المرء عن اضطراب القلق؟
يتحدث المرء عن القلق عندما يُعاني الشخص المَعني من الخَوف. في هذهِ الحَالة، لم يَعد الخَوف يُحَقق غَرَضاً وِقائياً، بل يُبعد الشخص عن حَياتِه اليَوميَة. لذا فإنَ حدثاً معيناً (مثل الضَوضاء العالية) يُثير الخَوف وربما ذكريات المواقف التي كانت تَعني فيها الضوضاء العالية خطراً ما
لقد خَزنت نفسيتنا صوتَ الانفجار أو الدَوي في الذاكرةِ على أنه خطير. يَنطبقُ هذا أيضاً على المَواقفِ التي يَكونُ فيها الانفجار أو الدَوي على سَبيل المِثال قادم من العدم. إنه يُشْبهُ إنذارَ الحَريقْ الذي يبدأ في إصدارِ صَفير ليس فقط عند نشوبِ حريق، ولكن أيضاً عند وجود بخار
يَتجنب المُصابون مِنذُ ذَلكَ الحين هذهِ المَواقف المُسببة للخوف أو المشاعر الغير مريحة، مما يُؤَدي إلى تَفاقم الخوف.يَزداد الخوف بشكل كبير، عند تَجنُبنا للمَواقف المُحفزة لهُ
فَهل كلُ شخص يَخاف الثُعبانْ، يُعَاني من اضطراب القَلق!؟
لا، هذا خَوفٌ يُمكن أن يَكون مُفيداً ومُناسباً. مُعظم النَاس لا يُعانون منهُ في الحياةِ اليَومية (إلا إذا كانوا يَعمَلون في حديقةِ للحَيَوان ويَتَعامَلون مع العديدِ من الثَعابين).يُمكنُ للتجاربِ قبل وأثناءَ رحلة اللجوء، وكذلك تَحديات العيش في بلدٍ جَديدٍ بِقَواعدٍ جديدةَ، واللّغة والتَجارب المُجهدة مع العُنصرية أو البيروقراطية، أن تَخلِق مَخاوف
إذن ما الذي يَنبَغي أن أبحثَ عنهُ إذا شعرت أنا نفسي أو شخص عزيز عليَ بالخوف الشديد؟
:الأعراض المهمة التالية التي تُقَيد الحَياة
ـ الأشخاص المُتَضَررون يراودهم القلق الشديد وغالباً ما يكونوا سجناء هذهِ الأفكار
ـ الناس المُتَضَررون يَخَافونَ منَ الخَوف
ـ مُواجهة صُعوبة في النَوم، وآلام في العضلات، وَخز في الصَدر أو فُقدان الشَهية
ـ يَمنع الخوف الناس من القيام بالمهام اليومية مثل العمل أو الهوايات أو العلاقات الاجتماعية أو الشعور بالسعادة
ـ يَنعزل الأشخاص المُتأَثرون كثيراً ويَتَجنَبون المَواقف المُسببة للخَوف
ـ غالباً ما يعلم الأشخاص المُتأثرون أنَ الخوف هو مبالغ فيه وغير منطقي
ـ يُعَاني المُتأثرون بِشَكل كبير من هذهِ القيود
في بعض أشكال اضطراب القلق، والذي يُسَمى باضطراب الهَلَع، يَبدو أن الخَوف يَظهر من العَدَم ودون سابق إنذار.غالباً ما يَجدُ الأشخاص المُتأثرون رد فعل الخوف السريع غير المُتَوقع هذا مزعجاً للغاية وغالباً ما يكونُ لديهم شعور بأنهُ لم يَعُد بإمكانهم التنفس أو أن لَديهم شَيئاً ما ليس على ما يرام في القلب
كيف تُعالج المخاوف؟
غالباً ما يكون من السهلِ التعاملُ مع المخاوف. نقطة الاتصال الأولى هي طبيبُ الأُسرة أو مَركز الاستشارات النفسيةَ والاجتماعيةَ، الذي كما ذكرنا سابقاً، يستهدف أيضاً الأشخاص اللاجئين تحديداً
غالباً ما يكونُ العلاجُ النفسي ضرورياً لعلاج الخوف. مما يتيحُ للشخص النَظر عن كَثب إلى محفزات الخوف والاستراتيجيات لكيفية تقليل الخوف.أحمد قام بالعلاج….ولا يزالُ يَشعرُ بالخوف إذا سَمعَ صوتَ انفجار ولكنهُ الآن يعرف السبب، ويَتقبل الخوف ويمكنه تهدئة نفسه. ثم يواصل عمله. إن الخوف الآن هو مجرد رفيق صغير له