غالباً، نلاحظ وجود الصحة ونشعر بأهميتها عندما تغيب لبعض الوقت وذلك وفقاً للمثل الشعبي: „الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى“. أي شخص ذهب إلى الطبيب وكان مصاباً بنزلة برد أو سعال لديه فكرة جيدة عن معنى الصحة الجسدية. تعني الصحة بشكل عام أنه يمكننا تحريك أجزاء كبيرة من أجسامنا وأن أعضائنا وحواسنا تعمل بشكل صحيح. هذا يُمكننا بالقيام في أمور عديدة كالعمل والالتقاء بالعائلة والأصدقاء
لكن ما هي الصحة العقلية / النفسية إذن؟
نستخدم المصطلح „عقلي أو نفسي“ عندما نتحدث عن قدراتنا العقلية أو الفكرية، أي عندما نتحدث عن نَّفْسِنا أو نَّفْسِيتنا. بالنسبة للكثيرين، هذا موضوع لا يتحدث عنه المرء مع الجميع. لكن يمكننا أن نؤكد لكم أن كل شخص لديه نفسية. نحن نحتاجها حتى نتمكن من العيش في العالم، فهذا يشمل قدرتنا على التعلم (على سبيل المثال لغة جديدة أو قيادة السيارة)، للتواصل مع الآخرين، لفهم القواعد (مثل قواعد المرور) أو للتفكير في شيء ما في الماضِ أو التخطيط للمستقبل. بالطبع، تلعب المشاعر والعواطف مثل الفرح أو الحزن أو الخوف أو الرضا دوراً مهماً أيضاً. بواسطتهم يمكننا معرفة ما إذا كنا نشعر بخير (مثلاً، الفرح أو الرضا) أو بالسوء (مثلاً، الحزن). قدراتنا العقلية أو النفسية هي أذن أدوات تمكننا من التعامل مع محيطنا وفهمه بشكل أفضل، سواء كان ذلك في الحياة الخاصة أو في العمل
في يومنا هذا، يُعتقد أن الصحة العقلية هي جزء من الصحة البدنية لأن الجسم والعقل مترابطان مع بعضهما البعض. نحن أصحاء عقلياً أو نفسياً عندما نتمكن من استخدام قدراتنا النفسية في العمل أو في الحياة الخاصة بطريقة نشعر فيها عموماً بالارتياح والرضا. بالطبع لا يمكن للمرء أن يشعر بالرضا كل يوم، لكن عندما يجيب المرء على السؤال: ما مدى رضاك العام الماضِ؟ بـ „كان كل شيء على ما يرام“ أو „في الواقع جيد جداً“ وكان يعني ذلك حقاً، يمكن اعتبار صحته العقلية على أنها جيدة
في الحياة، هناك دائماً تحديات وأحداث نشعر بعدها بسوء (مثل خسارة الوظيفة أو الجدال مع شخص ما). الأحداث الأكثر خطورة (مثل فقدان أحد أفراد الأسرة أو شخص مهم أو الاضطرار إلى مغادرة الوطن) يمكن أن تتسبب في معاناة صحتنا بشكل كبير. بالنسبة لبعض الناس، تؤدي مثل هذه الأحداث إلى مرض في النفس، مثلاً كالإنفلونزا. في هذه الحالة نطلق على هذا المرض اسم „اضطراب عقلي أو نفسي“. كل شخص يشعر بالحزن أو القلق أو الخمول في بعض الأحيان، ولكن إذا استمرت هذه الحالة لفترة زمنية طويلة، فإن الصحة العقلية تضعف مع الوقت. ومثلما يشعر الجسم بالضعف عندما يكون المرء مصاباً بالإنفلونزا حيث لا يمكنه المشي أو العمل بشكل جيد، مع مرض نفسي، فإن قدرتنا على التفكير أو الشعور أو التواصل مع الآخرين تصبح محدودة جزئياً. لسوء الحظ، هذا طبيعي تماماً
إذاً، يمكن القول بأن صحتنا العقلية „تتأرجح“ مثل صحتنا البدنية. في بعض الأحيان نشعر بالحيوية والسعادة، وأحياناً نحزن أو نجد صعوبة في التركيز. إذا كنا نشعر بالضعف والإرهاق النفسي لفترة طويلة، فعلينا – تماماً كما هو الحال مع المرض الجسدي، أن نذهب إلى الطبيب ونرى ما هي الاحتمالات المتاحة لاستعادة صحتنا العقلية وتحسينها. لأن هناك الكثير من الخيارات
…سنكتب عن ذلك في المرة القادمة…