لِماذا يَصعُبُ الحَدِيثُ عَنِ الصِحْةِ النَفسّيةَ أحياناً؟

:لِنَتَخَيّلَ مَعاً السّيِنَاريو التَالي

تَعَرَضَ خَالِدٌ لِحادث حيثُ كُسِرَت سَاقَهُ فيه. الطبيب المُعالج يَأخذُ العَظمَ المَكسور على محملِ الجِدْ ويُعَالِجُ الكَسِر. والِدَةُ خَالِد تَعتَني بِه. خالد يُخبِرُ اَصدِقاءَهُ عَن الحَادث ويُظهِرون تَعَاطُفَهم بِشَكلٍ كَبير

لَكنْ عِندما يُخْبرُ خَالدٌ اصّدِقاءَهُ بأنه يُعاني مِنَ الكَثير مَنْ التَوَتر وبِأَنَهُ يَشّعرُ بالحزنِ والخُمولِ مُنذُ اَسَابيع، فَإنَ ردَةَ الفِعلِ مَن حَولهِ غَالِباً ما تَكونُ مُختَلِفةً

اضحك من جديد!، كلُ شخصٍ يَمرُ في يوم سيئ!، يَنبَغي عَليكَ الخُروجَ واستنشاقَ الهواءَ النَقي، كُلُ هَذه عِبارة َعَن أجوبة نَموذَجية على إدلاء (أو أحياناً تَلميح): انا لا اَشعرُ على ما يُرام نَفْسّياً

لِماذا يكون رد فعلنا مُختَلِفٍ تَمَاماً على الصِحة البَدَنِية والعَقلِية؟

  يُمكِنُ لِلشَخصِ العُثورِ على هَذِهِ الظَاهِرةَ في كُلِ مِن العَائِلات العَرَبيّة والأُوروبيّة، حتى ولو على سَبيلِ المِثال، هُنَاكَ بِالفِعل الكَثير مِن المُحَاولات في ألمانيا للتَحَدثِ بِشَكلٍ أَكثَر اِنّفِتَاحاً عَن الصِحةِ النَفْسّية والاضطِرابَات وجَعلَها أَكثرَ قُبولاً في المُجتَمَع. لأنه صدقاً كُلُ شخصٍ لديهِ نَفسّية وكُلُ شخصٍ لديه جَسّد. كِلاهما مُمكن أن يكونا سَليمين أو عليلين

الاختِلافُ الأَول هوَ أَنَ الصِحةَ النَفْسيّةَ لَطَالَما كانت مِنَ „المُحَرَمات“. وهَذا يَعنْي بِأَنَ الشَّخْص يُفَضْلُ عَدَمَ الحَديثِ عَنها في الأُسرة  وبَينَ الاَصدِقاء وَفي المُجتَمَع. بالإضافة إلى ذَلكَ، هُناك ما يُسَمْى بِوَصمَةِ عَارٍ عَلى الأَمْراضِ النَفْسيّة. هَذا يَعني بِأَنَ الشَخّصَ يَربطُ الأَفكارَ السَّلبِية بِها. وَصّمَةَ العَارِ هيَّ أَنَ الأَشّخاصَ المُصَابونَ بِمَرَضٍ نَفْسي ضُعَفَاء أو أَنَّهُم لا يَبْذِلون جُهداً كَافِياً. في مُعظَمِ الأَحيّان يَكونُ العَكس هو الصَحيح، حَيثُ يَتَطَلَبُ الأَمَرَ الكَثِير مِنَ القوةِ والمُثَابَرةِ لِشِفَاءِ النَفْس. بالإِضافةِ إلى ذَلك، مِنَ المُفتَرضِ أَنَ الأَشخاصَ المُصابين بِأَمْرَاضٍ نَفْسيّة „مَجَانْين“ أَو لَدَيهم ضُعفٌ في الشَخصِيةِ. لَكِننا نَعلمُ مِنَ البَحثِ العلمي أَنَ سَببَ الاضطِرَابَاتِ النَفَسّية هو عَادَّةً مَا يَكونُ مُتَعَدد العَوَامْل (مِثلُ الجِينَاتِ وتَجَاربِ الطُفولةَ المُبَكِّرَة والبِيئةَ). كَمّا تَرَوا، غَالِباً مَا يَكونُ هُنَاكَ نَقصٌ في المَعّرِفةَ حَولَ العَمَلِياتِ النَفْسّيِة بِحَيثُ يَتِمُ اِعتِبَارُ أَنْصَافَ الحَقَائقِ صَحِيحَةً

وِفْقَاً لِلدِراسَات فَإنَ حَوالي ٣٠-٤٠ يُصَابونَ خِلالَ حَيَاتِهم بِاضطِراباتٍ نَفْسّيَة مِثل الاكتِئاب، واضطِراب الخَوف أَو الإدْمان. عِندَ بَعضِ السُّكانِ مِثلَ المُهاجِرين، يَكونُ الخَطرُ أكبر. لِذا فَقدْ حَانَ الوَقت لِجَلبِ المَزيدَ مِنَ المَعرِفَةِ حَولَ الصِّحَةِ النَفْسّيِة إلى المُجتَمَعِ والأُسَّر (سَّواء الأَلمَانِيَة أَو العَرَّبِيَة) وبَالتَالي جعل هذا المَوضوع طبيعي. إنَ أَكبرَ مُعَاناةٍ للمُصَابينَ بِمَرضٍ نَفْسّي هي أنَه يَحِبُ عَلَيِهم الحِفاظُ عَلَيه سِرّاً. نَتِيجَةً لِذَلكَ، يُعَاني المَرءُ في صَمتٍ ويُمكنُ للمَرضِ أَن يَتَغذى ويَزْدَاد مِنْ خِلالِ الشُّعورِ بِالوِحدَة وسُّوءِ الفَهمِ. إذاً ما هو المُهم؟

إذا كُنْتَ تَعرِفُ شَخصاً حزيناً، فَاَسأَلهُ عَمّا إذا كانَ يُريِدُ التَحَدُث. سَوفَ تُذهَل بما تقدم له من معروف. إذا كانَ لا يُريدُ التَحَدُثَ عَن ذَلك، فَأنْتَ عَلى الأقل قَد سَأَلت

اطَلَبِ المُساعَدةَ. يُمْكِنُ للأَطباءِ والمُعالِجين ذَّوي الخِبرةَ أَنْ يوَفروا لَكَ مَساحَةً للتحدثِ بصراحةٍ وصِدْق حَولَ ما يَجْرّي. هُناكَ أَيضاً مَجموعاتُ دَعمٍ في كُل مَدينةَ رَئيسيةَ. هذا الأَمر في البداية يَتَطَلبُ القَليلَ مِن الشجاعةِ، ولكن كَونك بين الأشخاص ذَوي التَفكيرِ المُماثلِ غالباً ما يُشعرِكَ بِأنْكَ مَفهومٌ

يُمكِنُكَ أَيضاً تَعَلمُ الكَثيرَ مِنَ الاستراتيجياتِ مِن الأشخاصِ المُتَضَررين الآخَرين. لست مضطراً للتحدثِ مع عائلتِكَ على الفَور إذا كُنْتَ تَخشى أَلا يَتمَ أخذُكَ عَلى مَحمل ِالجِدْ، ولَكنْ قَد يَكونُ هُنَاكَ أَشخاصٌ مِنْ حَولك تَرغبُ في التَحَدثِ مَعَهم

مِنَ المُهم أَنْ تَعرف: أنْتَ لَسّتَ وَحدَكَ ولَيّسَ عَليكَ أَنْ تَمُرَ بِكُلِ هَذا بِمُفرَدكْ

Schreibe einen Kommentar

Deine E-Mail-Adresse wird nicht veröffentlicht. Erforderliche Felder sind mit * markiert

Captcha
Refresh
Hilfe
Hinweis / Hint
Das Captcha kann Kleinbuchstaben, Ziffern und die Sonderzeichzeichen »?!#%&« enthalten.
The captcha could contain lower case, numeric characters and special characters as »!#%&«.